شدد رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج د.أنيس القاسم على أنه لا يمكن إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية إلا بعزل رئيس السلطة محمود عباس عن الصف القيادي لإصراره على العمل في "حلقة مفرغة"، مطالبًا بتنحي القيادة التاريخية للمنظمة "التي أصبحت حجر عثرة أمام القضية الفلسطينية لأنها لا تريد تغيير الواقع".
وقال القاسم في حوار خاص مع صحيفة "فلسطين": "إن كل القيادة التاريخية للمنظمة لا تريد التغيير، لأن المنهج الذي قادته ثبت فشله وضرره على القضية الفلسطينية وبالتالي عليها التنحي، لأنها لا تستحق أن تقود الشعب الفلسطيني لعدم حرصها على القضية".
وحذر في الوقت ذاته من أن حديث عباس عن الدولة المستقلة تضليل لدغدغة مشاعر الشعب الفلسطيني لتمرير "مخططات ملغومة" مثل صفقة القرن، مبديا خشيته من أن تكون السعودية أغرته بصفقات مالية كبرى، لأن "هذه القيادة لا تستطيع تمرير أهدافها دون مال والمال يحرفها عن تلك الأهداف".
وشكك بقدرة عباس على رفض "صفقة القرن"؛ لأنه لا يحمل من النضال سوى المفاوضات، وهذا منهج يجب الحذر منه لأنه لا يخدم القضية، مردفًا: "إن عباس غير قادر على الخروج من نهج التسوية والسلطة لن تخاطر بحل نفسها برفض "صفقة القرن".
وعد القاسم عقد اجتماع "المجلس المركزي" لمنظمة التحرير بعد شهر ونصف من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة للاحتلال، عدم جدية في احتضان قضية القدس وتقدير الخطورة عليها، مبديا خشيته وشكوكه من أن يكون عقد "المركزي" يصب في إطار تمرير صفقة ما ستظهر لاحقًا، قد تكون مرتبطة بصفقة "القرن".
وعن عدم مشاركة حماس والجهاد باجتماع المركزي، رأى القاسم أنه قرار صائب باعتبار أن عقد مجلس مركزي أو وطني تحت الاحتلال سيكون منسجمًا مع سلطة الاحتلال، وهو ما أظهرته مخرجات اللقاءات السابقة.
قيادة غير مؤهلة
وحول إن كانت القيادة الحالية مؤهلة لتغيير الاستراتيجية، قال: "إن النتيجة الأولى للخروج من اتفاق أوسلو أن تحل السلطة نفسها، لأن أوسلو التي أنشأت السلطة".
وأضاف أن عباس "رمى مسؤولية الخروج من أوسلو على المجلس المركزي وتخفى خلفه لعدم قدرته على ذلك".
ونبه القاسم إلى أنه لم تعد هناك هياكل شرعية لمنظمة التحرير، بعد أن مضى عليها الزمن، موضحا أن السلطة استخدمت نفوذها للعبث بشرعية المؤسسات القائمة تحت منظمة التحرير، وبالتالي أصبحت مشروخة ومطعونًا بشرعيتها.
وقال: "نحن في فجوة هائلة بين خطاب عباس وبين ما ينسجم مع الخطاب من أفعال، باعتبار أنه يجب أن نشهد تغيرات استراتيجية جذرية في كل منطلقات القيادة".
وعبر عن اعتقاده أن القيادة الحالية غير مؤهلة لهذه العملية، لأنها تتطلب نضالا مختلفا بحيث تكون الأقوال معبرة عن الأفعال "وأنا في حيرة بين ما يقول عباس وبين ما يفعله"- وفق ما أضاف.
وحول الخطوات المطلوبة من السلطة، شدد القاسم على أنه يجب الخروج من اتفاق "أوسلو" خروجا لا رجعة فيه، والقضاء على مؤسسات الفساد بالسلطة، وبناء منهج وطني نضالي ضد الاحتلال وليس من بالمفاوضات، وحشد كل القوى لمقارعة الاحتلال.
انضمام لا قيمة له
ولدى سؤاله عن جدوى حديث عباس عن الانضمام للمنظمات الدولية، اعتبر القاسم وهو خبير في القانون الدولي أيضا، أن الانضمام للمنظمات الدولية "حرب شكلية لا قيمة لها لا تقدم خطوة واحدة من التحرير، لأن الاحتلال لن يستمع لأحد سوى أمريكا، وهذه مناورة تدلل أنه لا يستطيع فعل أشياء أكثر من ذلك".
وأوضح أن فائدة الانضمام للمنظمات الدولية أقل من المطلوب بكثير، لأن المجتمع الدولي احتضن القضية الفلسطينية احتضانا كاملا منذ تاريخ احتلال فلسطين، ونادى بتطبيق اتفاقيات جنيف الأربعة ولاهاي وأدان التمييز العنصرية، وتبنى القضية دون الانضمام لها.
وتساءل بتهكم: "ماذا يعني انضمام السلطة لاتفاقية شيكاغو للطيران المدني؟ هل لدينا طيران؟".
واعتبر أن الحديث عن التحركات الدولية هو لتبرير فشل المنظمة التي لم تتقدم خطوة واحدة على طريق التحرير منذ "أوسلو"، منبها إلى أنه كان مفترضا أن يطلب عباس من دول العالم مقاطعة الاحتلال، وعدم مده بأية معونات عسكرية.
وتساءل القاسم: هل استغل عباس انضمام السلطة لاتفاقية روما التي تؤهله لتقديم طلب رسمي بمحاكمة قادة الاحتلال؟ منوها إلى أن عباس عقد صفقة مع أمريكا والاحتلال بالسماح له بالانضمام للجنايات الدولية مقابل عدم رفع دعوى ضدهم.
حلقة مفرغة
وردًا على سؤال "فلسطين" على إصرار السلطة على التوجه نحو المجتمع الدولي في وقت يسحب البساط من تحتها على الأرض بالضفة الغربية، ذكر أن عباس يصر على العمل في حلقة "مفرغة".
وأشار إلى أن السلطة لم تستغل الفتوى القانونية التي قدمتها محكمة العدل الدولية بإعلانها عام 2004 أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، وهي من أهم الفتاوى القانونية التي أصدرت بحق القضية عبر مئة عام ولم تقم السلطة باستغلالها أو فعل أي شيء.
وأكمل فيما يتعلق بفلسطينيي الشتات، بأن مؤتمر فلسطينيي الخارج سينعقد في الفترة ما بين 22-24 فبراير/ شباط القادم في اسطنبول لمراجعة ما انجزه المؤتمر خلال عام، وللمطالبة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لمجلس وطني فلسطيني جديد.
وشدد على أنه يجب على فلسطينيي الشتات رفع أصواتهم بقوة للمطالبة بإعادة هيكلية منظمة التحرير، وإجراء انتخابات لمجلس وطني جديد يضم الفلسطينيين كافة في الخارج وداخل فلسطين، ويعاد انتخاب لجنة تنفيذية جديدة غير الحالية التي انتهى مفعولها منذ زمان باعتبار أنه لا يوجد مجلس وطني لكي ينتخبها.