فلسطين أون لاين

​عباس يواجه ضياع القدس بالدوران في "حلقة أوسلو" المفرغة

...
عباس (وسط) (أ ف ب)
رام الله / غزة - نبيل سنونو

هو ذات المجلس المركزي، وليس بعيدًا عن حواجز جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، يصفق الحضور لرئيس السلطة محمود عباس، الذي تحدث مطولاً في الجلسة الافتتاحية للمجلس؛ أول من أمس، دون أن يغادر مربع اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993؛ بخلاف المطالبات الوطنية.

عباس الثمانيني، بدا رغم إقراره بأن (إسرائيل) أنهت اتفاق أوسلو، متمسكا به، باحثا هذه المرة عن لجنة دولية للوساطة في محادثات التسوية الفاشلة مع دولة الاحتلال؛ لكنه لم يستبعد دورًا أمريكيًا في مثل هذه اللجنة.

ومنذ عام 2002 تولت اللجنة الرباعية للتسوية في الشرق الأوسط، التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، جهود دفع عملية التسوية لكنها أخفقت في تحقيق أي نتائج.

ويتساءل المحلل السياسي د. عبد الستار قاسم: "عباس يريد أن يغير الوسيط (واشنطن). إذا كان الكيان الصهيوني لا يستجيب للولايات المتحدة، هل سيستجيب لغيرها؟ هذا الرجل لديه عدم معرفة، لديه مشكلة في المعلومات"؛ وفق قوله.

ويصف قاسم في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، ما تحدث به عباس بأنه "كلام نظري، لا يوجد له واقع عملي"، مبينا أنه رغم أن قرار دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل) في السادس من الشهر الماضي، فإن عباس يبدو غير مقتنع بعد بأن واشنطن وسيط غير نزيه، ولا تصلح أن تكون وسيطا أصلا.

ويتابع بأن عباس يبحث الآن عن وسيط جديد، ويريد هيئة أممية، مضيفا: "الأمم المتحدة هي التي صنعت (إسرائيل) وهي التي شردت الشعب الفلسطيني، وفي المقابل اتخذت قرارات كثيرة لصالح الشعب ولم تنفذ أيا منها".

ويعتقد قاسم أن رئيس السلطة "يبحث عن سراب"، مردفا: "هذا الرجل لديه عقيدة أنه لا يريد أن يرفع سلاحا في وجه من يقتلون أبناءنا (يقصد قوات الاحتلال)".

وبشأن إعراب عباس عن وقوفه مع ما أسماها "المقاومة الشعبية السلمية" ومحاربة ما وصفه بـ"الإرهاب"، يتساءل قاسم: "هل عباس يفهم ما يقول؟ هذه مشكلة، فمثلا هو عبر سنوات يتحدث عن المقاومة السلمية وحتى الآن لم يعرف لنا ماذا تعني المقاومة السلمية؟ هذا دليل أنه لا يعلم عن ماذا يتكلم؟".

ويشير قاسم إلى أن ما يعرف بـ"المقاومة السلمية" تشمل حوالي 20 بندا من النشاطات والترتيبات، فهي تشمل المقاطعة الاقتصادية التامة ووقف التطبيع وإلغاء التنسيق الأمني نهائيا، متسائلا: "كيف تقاوم سلميا؟ وأن تنسق أمنيا مع العدو؟".

كما يشمل ذلك لجانا في مختلف المدن والقرى من أجل الإشراف على شؤون الناس فيما إذا توقفت السلطة عن العمل، وأيضًا بحاجة إلى خطوات للعصيان المدني وإلى آخره.

ويتابع: "متطلبات المقاومة السلمية كثيرة جدا، وعلى رأسها إحراق الهويات التي بحوزتنا والتي تحمل أرقاما صهيونية، فهو (عباس) لم يوضح لنا ماذا يعني بالمقاومة السلمية؟".

وعن قول عباس: إن "صفقة القرن" التي يعدها ترامب هي "صفعة العصر.. وسنردها"، يقول قاسم: "ما هي الخيارات لديه؟ هو (رئيس السلطة) حرق كل الطرق نحو الخيارات الأخرى، أما الكلام أمام الإعلام لا أظن أنه يعني شيئا".

ويردف: "ما قيمة الكلام؟ هل عباس يملك قدرة عملية لتنفيذ شيء من المراجعة؟"، منوها إلى أن الدعوة وجهت للقنصل الأمريكي لحضور الجلسة الافتتاحية للمجلس المركزي، لكنه اعتذر.

ويرى قاسم أن عقد "المركزي" في رام الله كان "بلا قيمة"، قائلا: "هو الذي صادق على اتفاق أوسلو، والذي ساهم في إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني، واتخذ قرارا بإلغاء التنسيق الأمني وعباس لم يلتزم به، ولم يصنع شيئا في مواجهة رئيس السلطة".

ويعتقد المحلل السياسي أن المجلسين المركزي والوطني الحاليين "غير شرعيين؛ لأنهما يخالفان اللوائح الداخلية لهما، وبالتالي عم نبحث؟ عن هوية فلسطينية ضمن اجتماع غير شرعي؟".

ويؤكد أن "المركزي" لن ينفذ أي قرارات يتخذها ضد الاحتلال على الأرض، مرجعا ذلك لما أسماها "مصالح المتنفذين في الاتفاقيات مع الصهاينة، وفي تقربهم من الولايات المتحدة الأمريكية، فهل سيضحون بمصالحهم من أجل الشعب الفلسطيني؟ لا أظن ذلك".

"بهلواني"

من جهته، يعبر المحلل السياسي عمر عساف عن خيبة أمله من كلمة عباس، قائلا: إنه "لم يأت بجديد، بل أكد استمراره في ذات النهج الذي أوصل الحالة الفلسطينية إلى ما هي عليه".

ويقول عساف لصحيفة "فلسطين": إنه لا يعرف أبدا في التاريخ كله أن هناك من حصّل حقوقه "بالوسائل السلمية والمفاوضات"، معتقدا أن على عباس "وفريقه" أن يتنحوا؛ وفق قوله.

ويضيف أن المسار الذي سار فيه عباس منذ ربع قرن لا يمكن أن ينجز شيئا للشعب الفلسطيني، متابعا: "أعتقد أننا بحاجة إلى نهج آخر يقوم على التمسك بالحقوق وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني".

ويصف عساف خطاب رئيس السلطة بأنه "بهلواني" –على حد وصفه- مبينا أنه إذا أراد الأخير التصدي للولايات المتحدة ولخطط رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فعليه قبل كل شيء أن يستعيد الوحدة الوطنية ويرفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، ويجمع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، وأن يغادر "النهج البائس" -في إشارة إلى المفاوضات- وأن يتوجه للمحكمة الجنائية الدولية في ملف الاستيطان، ويضع الخطط والآليات للتصدي لسياسات ترامب.

وفيما يتعلق بتمسك عباس بعقد "المركزي" في رام الله المحتلة، يقول عساف: إن المكان له دور في طبيعة القرارات، مبينا أن عقده في رام الله كان يحول دون مشاركة كثير من قيادات وفصائل الشعب الفلسطيني.

ويشير إلى أنه كان من الممكن عقد المجلس في بيروت أو تونس أو غيرها، لتتوفر إمكانية لاتخاذ قرارات ترتقي إلى مستوى الاستعداد والتضحية لدى الشعب الفلسطيني، وأيضًا التحديات التي تواجه الأخير وفي مقدمتها سياسات نتنياهو.

وعن عدم مشاركة حركتي المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي في اجتماع المجلس المركزي، يقول عساف: إن عباس لم يجمع الإطار المؤقت للمنظمة، ولم يجر تحضيرا جماعيا لعقد "المركزي"، وبالتالي فإن الحركتين لم تستطيعا المشاركة في ظل هذه الاشتراطات أو التوجه الذي عقد على أساسه المجلس.

وكانت "حماس" و"الجهاد الإسلامي" اعتذرتا عن المشاركة في اجتماع "المركزي". وقال عضو المكتب السياسي لحماس، حسام بدران، في تصريح صحفي: إن حركته ارتأت أن يكون الاجتماع خارج الأرض المحتلة، وأن يسبقه اجتماع للإطار القيادي الموحد لمنظمة التحرير، وأن تتم مشاركة الفصائل المختلفة في التحضير له ولجدول أعماله.