بات من الواضح كما يرى مراقبان فلسطينيان أنه لا يوجد خطة لدى السلطة الفلسطينية لمواجهة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، وما تبعه من قوانين إسرائيلية صوت عليها الكنيست الإسرائيلي وأحزاب إسرائيلية منها "ضم الضفة" وقانون "القدس عاصمة للاحتلال".
واعتبر المراقبان خلال أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" أن ما صدر عن المسؤولين الفلسطينيين من ردود فعل ومواقف وتصريحات إزاء هذه القرارات الأمريكية والإسرائيلية، لا يمكن وضعها في إطار خطة مواجهة تلك المخاطر، إذ إن هذه التصريحات لم تؤد إلى أي قرارات وجدت طريقها إلى التنفيذ على أرض الواقع.
دلائل غياب الخطة
يقول أستاذ الإعلام بجامعة بيرزيت نشأت الأقطش: "لا يوجد أي خطة من قبل السلطة لمواجهة قرار ترامب وإجراءات الاحتلال، فهذه الخطة غائبة منذ زمن وليس من اليوم فقط".
وقال الأقطش لصحيفة "فلسطين" إن أي شخص أو جهة عندما يكون لديها خطة للعمل يكون لديها بدائل في حال فشلت الخطة الرئيسية، خاصة وأن السلطة تعلم بالموقف الأمريكي والعربي حول صفقة القرن قبل إعلان ترامب، متسائلاً: "إذا كان لدى السلطة خطة لمواجهة ترامب فأين هي وما هي البدائل؟".
وأضاف: "نحن لسنا بحاجة لدليل على إثبات أنه لا يوجد لدى السلطة خطة، لأنه بالفعل لا توجد خطة باستثناء المفاوضات والتعويل على التغيرات الإقليمية والدعم العربي والصداقة مع الأمريكان وتبين اليوم أنها ليس خيارات مفيدة".
ولفت النظر إلى أن السلطة لم تقتنع على مدار أكثر من عشرين عاماً أن ما تقوم به عبارة عن مفاوضات عبثية، وأن عملية "التسوية السياسية" غير مجدية، وأنها راهنت على مفاوضات وهمية.
ورأى الأقطش أن السلطة تريد العودة للمفاوضات بأي ثمن، رغم أنها تعلم عدم جدواها، موضحاً أن رئيس السلطة محمود عباس كان وما زال يؤمن بأن الحلول السلمية ممكن أن تحقق حلم الدولة المستقلة، وأن يتغير الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال.
وحول المطلوب اليوم اتخاذه للتصدي للقرارات الأمريكية والإسرائيلية، قال: "إن الحد المطلوب من الجميع اليوم هو قول "لا" لرفض المطروح من صفقة القرن وغيرها من الأطروحات".
وفي جانب آخر، قلل الأقطش من أهمية المجلس المركزي في صياغة خطة، واصفا إيها بـ"الديكور" الذي تستخدمه القيادة السياسية الرسمية لإظهار التشاور، ومن دلائل ذلك أنه قرر وقف التنسيق الأمني في مارس/ أذار 2015 ولم يتم ذلك.
بطء متعمد
ويوافق الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب رأي الأقطش في أنه لا توجد خطة لدى السلطة لمواجهة قرار ترامب وإجراءات الاحتلال، باستثناء ردود فعل ومواقف وتصريحات من القيادات الرسمية وهي لا تأتي أو تصنف على أنها خطة لمواجهة تلك المخاطر، لافتا النظر لوجود تعويل على ضرورة إقرار خطة من المجلس المركزي.
وأعرب حبيب عن استغرابه من عقد أول هيئة قيادة فلسطينية (المجلس المركزي) بعد شهر ونصف من قرار ترامب والذي كان يفترض أن ينعقد فوراً بعد القرار يتبعه اجتماع للجنة التنفيذية للمنظمة لإصدار قرارات تواجه التحديات.
ويعتقد أن هناك بطئا متعمدا من قبل السلطة على عدم اتخاذ خطوات سياسية بتوافقات فلسطينية وظلت منفردة في اتخاذ مواقف على عاتقها دون اللجوء للعودة لهيكلة منظمة التحرير.
حبيب، يشير إلى أن اجتماع المركزي كان مقرراً عقده قبل أكثر من عام وفق نظام المنظمة، وظلت القرارات تتخذ بشكل فردي من رئيس السلطة طيلة الفترة السابقة، وهذا "معيب وخطير" باعتبار أنه يجب أن يتوافق الفلسطينيون حول موقف واحد في مواجهة اجراءات الاحتلال.
وشدد على ضرورة أن يقوم المجلس بمحاسبة قيادة السلطة على عدم تنفيذ قراراته التي اتخذها عام 2015 بوقف التنسيق الأمني وتحديد العلاقة مع الاحتلال والتي لم تنفذ.