أقر المجلس التشريعي الفلسطيني، تقرير اللجنة القانونية التي يرأسها النائب محمد فرج الغول، والتي بحثت في ملف قرارات الرئيس محمود عباس برفع الحصانة الدبلوماسية عن خمسة نواب من المجلس التشريعي عن كتلة فتح البرلمانية.
وانعقدت الجلسة بحضور نواب حركة فتح في غزة، اليوم الأربعاء، في سابقة تعد الأولى منذ استنكاف النواب من الكتل البرلمانية الأخرى ومن بينها حركة فتح عن حضور جلسات المجلس التشريعي منذ العام 2007.
وفقاً للقانون
رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، النائب أحمد بحر أعلن في بداية الجلسة عن عقد جلسة غير عادية رقم 4 من الدورة 9 لانعقاد جلسات المجلس التشريعي، وذلك عملاً بأحكام القانون والمادة رقم 22 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي.
وأوضح بحر أن هذه الجلسة انعقدت بناء على طلب النواب ( أكثر من الربع حسب النظام) بهدف الدفاع عن حصانة النواب الخمسة، وهم: شامي الشامي ونجاة أبو بكر وناصر جمعة وجمال الطيراوي، بالإضافة إلى محمد دحلان.
واعتبر بحر اتخاذ قرارات رفع الحصانة عن النواب أنها لا تستهدف النواب فقط وإنما تستهدف النظام السياسي الفلسطيني، وإضعاف دور المجلس التشريعي الرقابي، مشيراً إلى أن المجلس التشريعي هو أول من رعاة المصالحة الوطنية بين الفرقاء.
وأوضح أن رئاسة المجلس التشريعي طلبت من اللجنة القانونية في المجلس أن تبحث في الأسباب والتداعيات القانونية لقرارات رفع الحصانة عن النواب وأن تقدم للمجلس تقريرها القانوني في هذا الملف.
توصيات القانونية
بدوره، قال النائب الغول رئيس اللجنة القانونية:" تقرير لجنته ينص على عدم قانونية قرارات رفع الحصانة عن النواب الخمسة باعتباره حق للمجلس التشريعي فقط، وعليه فإن اللجنة القانونية اعتبرتها قرارات فاقدة للصفة القانونية".
وبين أن القانون الأساسي الفلسطيني كفل حصانة خاصة للنواب وفقا للمادة 53 من قانون 2003، وحظرت التعرض لعضو المجلس التشريعي أو مساءلته بسبب آرائه السياسية، وفي حال قيامه بأي تجاوز يجب الرجوع إلى رئاسة المجلس التشريعي.
وأكد على أن المحكمة الدستورية التي منحت الرئيس محمود عباس حق رفع الحصانة عن النواب الخمسة، هي نفسها غير شرعية على مستوى النشأة والتشريع، موضحاً أن رفع الحصانة عن النائب يتطلب رفع كتاب خطي من النائب العام إلى رئيس المجلس التشريعي يوضح فيه الجرم الذي ارتكبه النائب، ورئيس المجلس يحيل الأمر للجنة القانونية ثم يخضع للتصويت ويؤخذ برأي الأغلبية.
وأوصت اللجنة نواب المجلس التشريعي كافة وخصوصا – الخمسة- بمتابعة مهامهم وفق القانون والقياد بدورهم التشريعي والرقابي، ومحاسبة الأجهزة الأمنية التي أخرجت ثلاثة من النواب المرفوع عنهم الحصانة من داخل مقر الصليب الأحمر برام الله والذي اعتصم فيه النواب وأخرجتهم الأجهزة الأمنية بالقوة .
ودعت الفصائل إلى رفع بيان موحد يدين رفع الحصانة عن النواب الخمسة، وضرورة الإسراع في اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واحترام القانون الأساسي والنظام الداخلي للمجلس التشريعي، محملة السلطة في رام الله تداعيات انتهاك القوانين وما ينتج عنه من تعميق الانقسام الفلسطيني.
مداخلات النواب
وفي سياق متصل، تخلل الجلسة الطارئة المنعقدة للمجلس التشريعي مداخلات لعدد من النواب كان من بينهم النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د. حسن خريشة، والذي تحدث عبر الهاتف، مؤكداً على أن نواب المجلس التشريعي ليسوا طرفاً في أي صراع سياسي مطالباً الرئيس عباس بإلغاء قرارات رفع الحصانة.
بدوره، تحدث النائب عن حركة فتح، أشرف جمعة، والذي أبدى ملاحظاته على بعض الكلمات الواردة في تقرير اللجنة القانونية، مؤكداً على أن اختصاص المحكمة الدستورية هو فقط الرقابة وتفسير نصوص القانون في حالات النزاع وليس رفع الحصانة عن النواب المنتخبين من الشعب.
أما النائب هدى نعيم عن كتلة التغيير والإصلاح ، فأوصت بتشكيل لجنتين من أعضاء نواب في المجلس التشريعي، الأولى تضع خطة لتفعيل المجلس التشريعي بكل قواه البرلمانية أما الثانية فمهمتها توحيد الفضاء بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي نفس السياق تحدث النائب ناصر جمعة عن كتلة فتح البرلمانية وهو أحد النواب الخمسة الذين تم رفع الحصانة الدبلوماسية عنهم، وقال:" إن المجلس التشريعي سيد نفسه، ونحن نرفض التغول والاعتداء على السلطات التشريعية والقضائية والقانون الأساسي الذي يمثل قاموس الحياة الفلسطينية".
وتابع:" لا نسمح أن تقدم لنا الاتهامات السياسية، والتشريعي هو صاحب الحق في رفع الحصانة عن أي نائب، بعد البحث في أي شكوى ضده، معتبراً ما حصل معهم أنه بعيد عن تفاصيل القانون الأساسي بل هو شكل من أشكال مخالفة القانون واستغلال السلطات للتهميش والانتقام من الخصوم السياسيين.
جلسة تاريخية
كذلك تحدث النائب عن كتلة التغيير والإصلاح يحيى العبادسة، معتبراً أن عقد الجلسة بحضور نواب عن حركة فتح هو بمثابة انطلاق عملي للمصالحة الوطنية، وقال:" أنا اعتبر هذه الجلسة تاريخية".
وأبدى النائب ملاحظاته على بعض ما ورد في تقرير اللجنة القانونية، معتبراً أن قضية المجلس التشريعي أكبر من فتح أبوابه في رام الله، وقال:" يجب إزالة جميع العقبات التي تعطل وتهمش دور المجلس".
وطالب بتحميل شخص الرئيس عباس وليس السلطة الفلسطينية مسؤولية تداعيات اغتصاب السلطة في الصفة الغربية، مشدداً على أن المجلس التشريعي هو أهم ضمانة للحفاظ على النظام السياسي الفلسطيني للسلطة حتى لا تتجه إلى مرحلة الفوضى العارمة، داعياً الحمد الله لطلب أخذ ثقة المجلس التشريعي على حكومته.
بدورها قالت النائب سميرة الحلايقة عن كتلة التغيير والإصلاح، :" إن قرار رفع الحصانة هو نتيجة خلافات داخلية داخل حركة فتح والمجلس التشريعي ليس طرفاً فيها"، معتبرةً أن تشكيل المحكمة الدستورية هو السبب في تفشي حالة التغول على السلطات في الضفة.
وفي سياق ذي صلة، يرى النائب عن كتلة التغيير والإصلاح الدكتور صلاح البردويل، أن ما نعيشه اليوم هو شكل من أشكال الصراع القانوني لكن حقيقته وخلفيته هي سياسية بامتياز، معتبراً انعقاد الجلسة بحضور نواب حركة فتح هو انتصار لإرادة الشعب الفلسطيني.
ودعا إلى وقفة فلسطينية تراعي الثوابت والقيم الفلسطينية، تساعد الشعب الفلسطيني على الخروج من أزمة التغول على السلطات، وقال:" نريد وحدة حقيقية بناء على القواسم المشتركة وفق الاتفاقات الموقعة سابقا".
بدوره، دعا النائب عن كتلة التغيير والإصلاح خليل الحية إلى ضرورة اتخاذ موقف من خلال دعوة الكتل البرلمانية والمستقلين إلى وضع آليات لانعقاد المجلس التشريعي بشكل دائم وعدم الرضوخ للسلطة التنفيذية.
وقال:" الاعتداءات على المجلس التشريعي لم تبدأ برفع الحصانة عن النواب الخمسة وحالة التفرد بالسلطات لن تقف عندهم ، وكتلة التغيير والإصلاح لا تعترف بقرارات رفع الحصانة وتعتبرها ظلماً.
واقترح على المجلس التشريعي أن يعد مذكرة قانونية توضح ما يحصل من تغول على السلطات وتوزيعها على برلمانات العالم بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، وقال:" يجب أن تتوقف حالة التغول ومن غير المعقول أن يبقى الشعب رهينة شخص واحد".
أما النائب سالم سلامة عن كتلة التغيير والإصلاح، فأعرب عن أمنيته لو حضر الجلسة باقي النواب عن الكتل البرلمانية الأخرى، داعياً جميع النواب المستنكفين عن حضور جلسات المجلس التشريعي لاستدراك ما فاتهم.
وفي ختام الجلس صوت النواب الحضور بالإجماع على تبني المجلس لتقرير اللجنة القانونية الذي أكد على عدم شرعية رفع الحصانة عن النواب الخمسة مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات النواب على النص.
انتخابات نزيهة
وعلى الهامش قبل بدء الجلسة، تحدث محمود الزهار النائب عن كتلة التغيير والإصلاح، مؤكداً أن من يريد أن ينزع شرعية أي شخص عليه أن ليلجأ إلى الشارع الفلسطيني الذي منح هذا الشخص الشرعية.
وقال مستدركاً:" أما أن تقوم بصناعة وفبركة المحكمة الدستورية والتي هي غير شرعية وتقوم بنزع الشرعية عن نواب هذه هي الفوضى الحقيقية"، مشيراً إلى أن "المجلس يعقد بشكل دوري والمشكلة هي بالفصائل التي غابت عنه معتقدة أن الشرعية تكون برضى أبو مازن".
وأوضح أن الشارع الفلسطيني في انتخاباته اختار هؤلاء النواب وكلفهم بخدمته، من امتنع منهم عن تأدية واجبه سيعاقب في الانتخابات القامة لأنهم كانوا يتلقون أوامرهم من رئيس حركة فتح محمود عباس أما نحن فحافظنا على هذه الشرعية وسخرناها لخدمة الشارع بقوانين نظمت حياة الناس.
وقال: "نحن قلنا من يريد الانقسام هو من خلقه وهو أبو مازن عندما قسم الشعب الفلسطيني إلى الضفة وغزة ونسي من في الخارج و بدأ يتحدث عن غزة كشيء والضفة شيء آخر، وقسم حركة فتح كذلك إلى تيار وتيار آخر".
واعتبر أن تطبيق الشرعية ليس مسؤول عن الانقسام الفلسطيني، وإنما هي محاولات نزع الشرعية من تسببت في هذا الانقسام، موضحاً أن المجلس التشريعي مستمر في انعقاده وأن من أراد نزع شرعية أي نائب عليه بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وأن يقبل نتائجها.