عقب إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر العام الماضي بأغلبية ساحقة قرارا غير ملزم يندد باعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أعلنت غواتيمالا إحدى الدول التسع التي صوتت برفض القرار بضمنها الولايات المتحدة و"إسرائيل" عن قرارها نقل سفارتها في "سرائيل" الى القدس على لسان رئيسها جيمي موراليس.
وأصدر الرئيس الغواتيمالي بيانا أظهر فيه مدى ارتباطه بـ"إسرائيل" وصداقته التاريخية معها ودعمها منذ قرار التقسيم الأممي 181 الذي صنع "إسرائيل" ، واعتبر نفسه في حلف دائم معها وهو ما لقي تجاوبا وترحابا إسرائيليا كبيرا .
مشكلتنا نحن الفلسطينيين والعرب والمسلمين أننا نجد أنفسنا في موقع المفعول به، فالإرادة مسلوبة والمسؤولية مفقودة ، فلم أر أحدا بحث بعمق ووعي نتائج التصويت وقدم لنا توصيات وحلولا، حيث صوتت مع القرار 128 دولة وعارضته 9 دول ، لكن هناك 21 دولة غابت عن التصويت و35 دولة امتنعت، والسؤال هل جرى اتصال وتواصل مع الدول المتغيبة والممتنعة ومعرفة أسباب موقفهم، وتوضيح موقفنا وحقوقنا والتأثير فيها، والتوافق معها مستقبلا؟ رغم أن حقنا في القدس كلها وليس فقط في شرق القدس الذي يمثل نحو 11.5% فقط من مساحة مدينة القدس المحتلة .
المؤلم حقا أن نائب رئيس غواتيمالا السابق ادواردو شتاين ورئيسة اتحاد المصدرين حذرا من النتائج السلبية والمخاطر الاقتصادية جراء هذا القرار ، وفي ذهنهما تراجع رئيسهما السابق عن قرار نقل السفارة أواسط التسعينيات بعدما أغلقت الدول العربية والاسلامية أسواقها أمام منتجات غواتيمالا باعتبارها من أكبر الأسواق المستوردة لحبوب الهال ، ويبدو أن تحذيراتهم ذهبت أدراج الرياح !!.
ماذا لو أوقف العرب والمسلمون تجارتهم مع غواتيمالا الواقعة في أمريكا الوسطى ؟ وماذا لو قرروا إغلاق سفاراتهم فيها وطرد سفرائها من بلادهم ؟ هذا لا يحتاج إعلان حرب ، إنما ضمن الجهد الدبلوماسي الطبيعي، لكن يبدو أن أحدا لا يريد أن يتحرك لإنقاذ القدس وما يحدث مجرد بروباغندا إعلامية !!.
إذا كان البعض يدعي أنه لا يستطيع مواجهة أمريكا بصفتها الدولة الأقوى في العالم ، فلم لم يجابه غواتيمالا الضعيفة في السياسة والاقتصاد ؟، خاصة أن قرارها قد يشجع آخرين على اتباعها في ظل سياسة العصا والجزرة الامريكية ، بينما لم يغادر الفعل العربي والاسلامي دائرة الضعف والعجز ، لذلك لا يقلق أي دولة قد تنقل سفارتها سيما أن دولا بدأت تعلو أصواتها وتنتظر الوقت المناسب لنقل سفارتها مثل هندوراس والتشيك ورومانيا .
العالم يفهم فقط لغة القوة والمصالح ، ونحن لم نحسن التعامل بلغته فضاعت حقوقنا وخسرنا فلسطين ، ودول عديدة تجد مصالحها مع أمريكا واسرائيل وإن لم نتدارك الموقف ونعمل ضمن استراتيجية واضحة وموحدة للحفاظ على القدس ونقنع دول العالم أن مصلحتهم معنا فسنخسر معركة القدس لأن الأطراف المعادية تعمل ليل نهار بحملات منظمة وأموال ضخمة ضد الحقوق الفلسطينية وتكسب أصدقاء جددا .