رأى محللان عسكريان أن اغتيال الاحتلال للشهيد التونسي محمد الزواري، يعبر عن حالة من الاستضعاف الذي تبديه دولة الاحتلال تجاه الدول العربية والاسلامية، مشيرين في الوقت ذاته الى أن المقاومة الفلسطينية قادرة على تعويض الخسارة البشرية من خلال عملية إحلال يتولى بموجبها اشخاص آخرون دفة العمل العسكري المقاوم.
وكانت دولة الاحتلال قد اغتالت الخميس الماضي، الشهيد المهندس الزواري عند خروجه من منزله في العاصمة التونسية، بينما اعلنت كتائب القسام أن الشهيد يعمل في صفوفها منذ عشرة اعوام من خلال تطوير انظمة الطائرات بدون طيار التي كشفت المقاومة عن امتلاكها خلال الحرب الاخيرة على قطاع غزة صيف العام 2014.
وأكد الخبير الأمني واللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي أن الاحتلال يستطيع تنفيذ عمليات الاغتيال في أي عاصمة يريدها سواء كانت عربية او غربية، مشيرا الى أن حالة الضعف والهوان التي اصابت الامة العربية جعلت الاحتلال لا يتورع عن كسر حرمة اراضيها وتنفيذ الاغتيالات عليها.
وأشار في حديثه لصحيفة "فلسطين"، الى أن الاغتيالات هي أسلوب اسرائيلي قديم حديث يقوم على فكرة احباط الجهد البشري للقادة السياسيين والعسكريين عبر تغييبهم عن الساحة، لافتا الى ان دولة الاحتلال تجند العشرات من العملاء حول العالم لإنجاح هذا الاسلوب في التصفية.
واوضح الشرقاوي أن اغتيال القادة العسكريين والسياسيين يمكن ان يشوش على عمل الفصائل الفلسطينية، من خلال حالة الفراغ التي يمكن أن يتسبب بها غياب القائد, وبالتالي حرمان المقاومة من امكانية الاستفادة من خبرته في العمل التنظيمي العسكري او السياسي.
لكنه أكد في الوقت ذاته أن هذه الاغتيالات لم تكن في أي وقت من الاوقات سببا في انتهاء العمل العسكري او السياسي، موضحاً أن فصائل المقاومة شهدت قفزات نوعية في عملها بعد اغتيال القادة نتيجة لحلول قادة آخرين, أشد عزمًا ومضاءً مع ما جمعوه من خبرة, إثر مجاورتهم للقادة الشهداء.
وبشأن الرد المحتمل للمقاومة، أكد الشرقاوي أن المقاومة الفلسطينية لا يمكن لها أن تتنصل أو تنسى دماء قادتها، مشيرا الى ان كتائب القسام خاضت حربا بأكملها لمدة ثمانية ايام ردا على اغتيال القائد احمد الجعبري في العام 2012.
وتوقع أن تقوم المقاومة بدراسة كل حيثيات عملية الاغتيال من أجل تلافي القصور الأمني, الذي يمكن ان يكون قد تسبب في نجاح عملية اغتيال الزواري، مشيراً في الوقت عينه الى أن الرد هذه المرة يجب أن يكون بطريقة مختلفة وابداعية بحيث يكون مؤلما للاحتلال ودافعا له للتوقف عن اغتيال القادة.
حرب شاملة
من جانبه، أكد اللواء المتقاعد واصف عريقات، أن الاحتلال يستخدم الاغتيالات كجزء من حربه الشاملة ضد أي من خصومه.
وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الاحتلال كان يريد من وراء اغتيال الزواري أن يوقف استفادة المقاومة الفلسطينية من خبراته في مجال الطيران، إضافة إلى أن الأمر يتعلق بالحفاظ على التفوق الاسرائيلي في صناعة الطائرات بدون طيار والتي أصبحت سلعة عسكرية رائجة بقوة في دول العالم خلال السنوات الاخيرة.
ولفت عريقات النظر الى أنه بالرغم من أن المقاومة الفلسطينية دأبت على اعلان احترامها لخصوصية وسيادة كل الدول العربية والغربية، الا أن جريمة اغتيال الشهيد الزواري في تونس, وقبلها اغتيال القيادي محمود المبحوح في دبي، توجب على المقاومة ان تدرس بعناية خياراتها للرد على الاحتلال لوضع حد لهذه الاغتيالات المركزة بحق المقاومين خارج الارضي الفلسطينية.
وأكد أن اقدام الاحتلال على اغتيال الشهيد الزواري قد شرع كل أبواب الرد للمقاومة الفلسطينية، مشيرا في ذات الوقت الى أن تعقيدات الوضع الاقليمي والعربي توجب ان يكون الرد على الاحتلال عقلانيا وحكيما بحيث يؤدب الاحتلال من جهة ويحافظ على مكانة الفصائل الفلسطينية في الوضع الاقليمي والدولي من الجهة الأخرى.
وبشأن تأثير غياب الزواري على العمل العسكري، شدد عريقات على أن غياب أي قائد عسكري للمقاومة الفلسطينية يعني ظهور عشرات القادة الاخرين القادرين على ملء مكانة اسلافهم، معتبرا ان الخسارة تكون دائما كبيرة على صعيد المعنويات، لكن يمكن تداركها ميدانيا وعسكريا من خلال عملية الإحلال داخل صفوف فصائل المقاومة والتي تبدو ناجحة في تسيير العمل المقاوم وتطويره في كافة المجالات حتى الآن.