لم يفصل بين إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، وأنباء قرار الأمريكية تقليص المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، سوى شهر واحد، اتخذت خلاله أذرع الاحتلال قرارات مهمة، مستندةً فيها إلى القرار الأمريكي بشأن القدس.
وتضرب إدارة ترمب بقرارها الأخير القوانين الدولية عرض الحائط، عبر استهداف قضية اللاجئين الذين يتلقون معونات إغاثية من "أونروا" في مناطق عملياتها الخمس (قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان).
وعدّ رئيس شؤون اللاجئين في حركة حماس د.عصام عدوان، القرار استهدافا واضحا ومباشرا لقضية اللاجئين وحق العودة.
وأكد عدوان في تصريح لصحيفة "فلسطين"، أن السياسة الأمريكية تسير باتجاه تنفيذ مخطط يهدف لتصفية القضية الفلسطينية، وتعتقد أن أي قرار تتخذه سيمرر، لكنه شدد على ضرورة كسر أحد هذه القرارات، حتى تفهم إدارة ترمب أن ما يتبعه من قرارات لن يمرر.
وقال: "إذا نجحنا في ذلك، يمكننا أن نعوّل على كسر القرارات الأخرى"، مشيراً إلى ضرورة تحرك منظمة التحرير لدى المؤسسات الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة، والعمل على استصدار قرار من شأنه تحميل ميزانية وكالة الأونروا على ميزانية الأمم المتحدة؛ وبالتالي تزود أونروا بميزانيتها من خلالها بدلاً من أمريكا أو غيرها.
وبذلك، يضمن الفلسطينيون استمرار عمل الأونروا، وهذه خطوة مهمة لتأكيد بقاء قضية اللاجئين حية، وإذا لم تفعل منظمة التحرير هذا الأمر، فإنها تثير "شبهة تواطؤ"، كما يقول عدوان.
وأضاف: "لا يجوز ادعاء الضعف، والترويج من المنظمة أنها غير قادرة على التعامل مع هذا الأمر، كما لا يمكن لدولة أن تمرر قراراتها على 194 دولة في الأمم المتحدة تساند حقوق الشعب الفلسطيني".
وعبر عن خشيته من وجود "تواطؤ عربي، وإقدام دول عربية كبيرة على وقف مساعداتها المقدمة لأونروا".
ولفت عدوان إلى أن الأردن التي تحوي العدد الأكبر من اللاجئين بواقع 2,2 مليون لاجئ، وستكون المتضرر الأكبر من محاولات تقليص المساعدات المقدّمة للوكالة الأممية، يتوجب أن يكون لها موقف حازم وحاد تجاه قضية اللاجئين.
وإن لم تكن الأردن قادرة على خوض معركة سياسية ضد الولايات المتحدة لاستهدافها اللاجئين وحق العودة، فمن الضروري السماح لأعداد كبيرة من اللاجئين بالخروج في مظاهرات حاشدة والاحتجاج قرب الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق رئيس شؤون اللاجئين في حماس.
وقال: "يجب أن يتحرك اللاجئون من أجل إجبار المجتمع الدولي على النظر بجدية لخطورة الخطوات الأمريكية، والدفع باتجاه استمرار دعم وكالة أونروا."
قضايا التفاوض
بدوره، قال الباحث في الشؤون الفلسطينية المقيم في لبنان تيسير الخطيب: "إن الإدارة الأمريكية تريد إنهاء كل قضايا التفاوض وصولاً إلى ملف اللاجئين".
وأضاف الخطيب في تصريح لصحيفة "فلسطين": "من المعروف أن اتفاق أوسلو تضمّن نصوصًا غامضة عن عودة اللاجئين، والقيادة الفلسطينية المفاوضة لم تكن تتطرق لهذا الموضوع وكانت تهمله دائمًا على اعتبار أنه غير ممكن".
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية وبشكل رسمي تدعم وجهة النظر الإسرائيلية لشطب حق العودة وعدم القبول به كإحدى قضايا المفاوضات النهائية.
وشدد على أن "القيادة الفلسطينية أمام واقع يشكل تحديا لها، بعد رهانها طويلاً على عملية التسوية، لم يعد هناك قضايا للتفاوض بعد إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وقضية اللاجئين".
وتوقع الخطيب، أن تصدر الإدارة الأمريكية قريبًا بياناً تطلب فيه حذف حق عودة من بنود المفاوضات.
وذهب إلى القول: إن الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية "وضعت في مأزق كبير جدًا، إذ راهنت الأخيرة على شيء من الحقوق الفلسطينية، وإذ هي تسلب منها شيئًا فشيئًا".
ويرى الباحث الفلسطيني، أن الأونروا مؤشر على وجود اللاجئين، ولذلك تسعى واشنطن إلى إلغائها وشطبها لإنهاء حق العودة.
ومضى يقول: "أونروا حق للفلسطينيين، وهي شبه تعويض بعد النكبة الفلسطينية، والآن أمريكا من خلال تقليص مساهمتها في أونروا، تريد إلغاءها، ما يعني أننا أمام تصفية خطيرة لكل المفردات المتعلقة بحقوق اللاجئين".
والمطلوب فلسطينيًا لمواجهة القرارات الأمريكية بشأن "أونروا"، الانسحاب من عملية التسوية، فلا يمكن العودة إلى المربع الأول منها خاصة وأنها كانت خديعة تاريخية وقعت فيها القيادة الفلسطينية، وورطت الشعب من بعدها، وفقاً للخطيب.
واعتبر أن عملية المفاوضات لم تكن إلا عملية خداع استراتيجي استطاع الاحتلال الإسرائيلي فرض وقائع على الأرض في القدس والضفة الغربية المحتلة، وهو بصدد تصفية حق فلسطيني أساسي احتلت بموجبه فلسطين، ونشأت بموجبه مؤسسات، في إشارة إلى قضية اللاجئين والعودة.