تدرس حركتا حماس والجهاد المشاركة في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله في 14-15 من الشهر الجاري، الذي تقرر بعد أكثر من شهر على إعلان ترامب باعتباره القدس عاصمة لـ"إسرائيل" ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وما تبعها من قرار الليكود بالسيادة على الضفة الغربية وتصويت الكنيست على قانون "القدس الموحدة"، وعنوان الموقف الفلسطيني الرسمي هو العجز والتردد.
لا بد أن تدرك حركتا حماس والجهاد طبيعة وتأثير مشاركتهما في القرارات التي ستصدر عن الاجتماع حتى لا يكونا أشبه بديكور ضمن سياسة الترقيع التي لا تجدي، ويُعطيا الغطاء لقرارات اتخذها مجلس يعتبرونه يفتقد إلى تجديد الشرعية، ولا تكون القرارات تدشن لتوجه جديد نحو التسوية سيما وأن قراراته السابقة وعلى رأسها وقف التنسيق الأمني لم تنفذ وهو ما يعني بالضرورة أن البيان الختامي لن يخرج عما يريده الرئيس والرئيس فقط!!.
إذا أعطى أبو مازن قراراته الفورية برفع العقوبات الانتقامية عن مليوني فلسطيني في غزة ومضي الحكومة بتنفيذ اتفاق المصالحة واستيعاب الموظفين وتعزيز الوحدة الوطنية وأوقف التنسيق الأمني وتحلل من أوسلو وسحب الاعتراف بـ"إسرائيل" وأعلن انتهاء مسيرة التسوية، حينها سأتفهم مشاركة حماس والجهاد في الاجتماع.
التوجه الصادق نحو تعزيز الوحدة وترسيخ الشراكة الوطنية ومواجهة الاحتلال ومن يدعمه سواء ترامب أو غيره، كان يستوجب اجتماع الإطار القيادي المؤقت الذي ينتظر منذ توقيع اتفاق المصالحة 2011 دعوة -لم تحدث- من الرئيس؟ الواضح أننا ذاهبون باتجاه الاستمرار في حالة التفرد بالقرار الفلسطيني واستدعاء أطر منظمة التحرير وقت الحاجة لتمرير ما تريده القيادة المتنفذة للمنظمة ولكن هذه المرة بختم وموافقة حماس والجهاد شاؤوا أم أبوا!!.
الأخطر في المشاركة هو نسف التنظير المستمر بضرورة إصلاح المنظمة وهياكلها، ومجريات الأمور تقول إن المجلس المركزي الذي يهيمن عليه فريق الرئيس عباس -ويرفض انضمام الحركتين إليه- لن يلغي مشروع التسوية والمفاوضات ولن ترتقي قراراته لمستوى التحديات رغم قرارات ترامب ونتنياهو التي أعدمت أي فرصة للتسوية.
الاجتماع سيعقد في رام الله المحتلة ما يعني أن مشاركة من حماس والجهاد -إن وافقتا- سيكون عبد تقنية الفيديو كونفرنس التي لن توفر مشاركة فاعلة وتأثيرًا في قراراته، وبعدد أعضاء يضمن القرارات لصالح تيار التسوية، ولن يخرج الاجتماع عن احتفالية وخطابات وبيان ختامي معد مسبقًا لن تستطيع حماس والجهاد التأثير فيه، وستتحملان جزءًا من المسؤولية عنه، ثم ستكون المشاركة بروفة حقيقية لإحراج الحركتين في المشاركة في اجتماع قادم للمجلس الوطني كما يريده عباس.
صدق النية في مواجهة نتنياهو ترامب بصف وطني موحد قد يدفع حماس والجهاد إلى المشاركة لكن عليهما أن يعرفا أن مشاركتهما قبل إجراء الإصلاحات والانتخابات التي لطاما دعوا إليها يمثل إضفاء شرعية على هيكل متهالك، وستعطي دفعة لمشروع الحياة مفاوضات، ولن تخرج القرارات عن مسار أوسلو، وجولة لإعادة إنتاج الفشل وبيع الوهم على الجماهير.
أنصح حماس والجهاد إذا لم يتم التوافق معهم مسبقًا على البيان الختامي بأن تراقبا ما سيصدر من قرارات، وإن كان فيها ما هو خير لشعبنا وتصحيح للمسار ومواجهة حقيقية للاحتلال وترامب، فعليهما أن تصدرا موقفا بدعم قراراته والوقوف إلى جانبه وتحقيق أهدافه، وإلا اسمحوا لي بالقول إن أبا مازن جركم إلى مربعه!!.