لا يكاد يغيب العلم الفلسطيني بألوانه الأربعة والكوفية الشهيرة عن أي ركن من ساحة المواجهة، غير المتكافئة بين جنود الاحتلال الإسرائيلي ومئات الشبان الغاضبين من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان مدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال.
ومنذ القرار الأمريكي في السادس من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري ونقاط التماس سواء في الضفة الغربية والقدس المحتلتين أو عند الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة وأراضي الـ48، تشهد مواجهات شعبية مع جنود الاحتلال تعبر عن رفض الشبان للقرار جملة وتفصيلًا.
وتسيطر حالة من الاستفزاز على الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح والمتحصنين خلف السواتر وداخل المواقع العسكرية، في حال نجح أحد الشبان الغزيين برفع العلم الفلسطيني على السلك الفاصل، ليشرع الجنود بإطلاق أعيرة الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي وكثيف.
ويصف الشاب (خالد. م) الذي يشارك بين الحين والآخر في المواجهات الشعبية شرق مخيم جباليا للاجئين، رد جنود الاحتلال في حال رفع العلم أو لوح به أمام عيونهم بـ"الجنونية" التي يترتب عليها غالبًا ارتقاء أحد الشباب شهيدًا أو تعرض البعض لإصابات خطرة في المناطق العلوية من الجسد.
ويعتقد خالد أن اصطحاب الشبان والفتية لأعلام فلسطين أو حطة الكوفية الموشحة باللونين الأبيض والأسود، يكون بدافع وطني بحت أو تأكيد منهم على حبهم لفلسطين دون أي حسابات أخرى قد تحرف عن بوصلتهم الأساسية نحو القدس والمسجد الأقصى المحتل.
أما الشاب (علاء. س) فيتحدث عن حالة الهوس التي أصابت جنود الاحتلال في موقع ناحل عوز العسكري، شرقي غزة خلال الجمعة الثانية التي أعقبت قرار ترامب، عندما نجح عدة شبان بتثبت أكثر من خمسة أعلام على السياج الفاصل، الأمر الذي شكل للشبان الغاضبين انتصار معنويا.
ويقول علاء لصحيفة "فلسطين": "في ظهر تلك الجمعة كانت الساحة المقابلة لموقع ناحل عوز ممتلئة بالشباب المنتفضين الذين وصلوا للمنطقة بعد انتهاء مسيرات الفصائل الوطنية والإسلامية، وحينها كان العلم الفلسطيني هو المسيطر على مشهد المواجهات وازدادت حدتها بعد تعليق أكثر من علم".
وتبدأ محاولات الشبان لوضع العلم على السلك بتكثيف إلقاء الحجارة على الجنود وإشعال العديد من الإطارات المطاطية في آن واحد من أجل إبعاد الجنود عن السلك الفاصل، حتى يتمكن أحد الشبان مع نصب العلم ولكن سرعان ما يزيله الجنود إما بأيديهم أو بإطلاق الرصاص عليه.
وأشار علاء إلى أن الشبان الذين يخاطرون بحياتهم من أجل رفع العلم الفلسطيني مقتنعون تمامًا بما يفعلونه ويشكل حالة من النشوة والانتصار لديهم، مبينًا أن الاحتلال أعدم في تلك الجمعة القعيد إبراهيم أبو ثريا برصاصة في رأسه كونه أغاضهم برفع علم فلسطين في وجههم وهو أعزل على كرسي المتحرك.
وكان الشهيد أبو ثريا قد ظهر قبل استشهاده بفيديو وهو على كرسيه المتحرك والعلم الفلسطيني في حضنه، بينما ظهر في فيديو آخر وهو يزحف ويرفع العلم الفلسطيني أمام السياج الفاصل، ويقول: "الأرض أرضنا هنا .. الشعب الفلسطيني شعب الجبارين".
ولا تختلف كثيرا تفاصيل الرد العنيف لجنود الاحتلال أمام مشاهد رفع العلم الفلسطيني في أحياء مدينة القدس المحتلة خلال المظاهرات الشعبية المنددة بالإعلان الأمريكي وتحديدا عن باب العامود وفي شارع صلاح الدين، وفق ما وأضحت المرابطة المقدسية فاطمة خضر.
وتقول خضر لصحيفة "فلسطين": "يصاب أفراد شرطة الاحتلال بالجنون لمجرد رؤيتهم للعلم الفلسطيني، وخلال ثوانٍ قليلة يهاجمون رافع العلم وينزعونه منه بالقوة قبل أن يعتدوا عليه بالعصي والركل بالأرجل أو اعتقاله إن تطور الأمر".
وفي محاولة من المقدسيين للوقوف في وجه همجية الاحتلال والتأكيد على كل الرموز المرتبطة بالحق الفلسطيني، تعمد بعض النسوة على رسم علم فلسطين بألوانه الأربعة على كفوف أيديهن في حين تلجأ أخريات إلى استخدام الكوفية الشهيرة كغطاء للرأس.