فلسطين أون لاين

مصر والجزائر والعراق تقول كلمتها

ملاعب العالم مع القدس ضد ترامب

...
غزة- إبراهيم عمر

لم يتفق الرياضيون العرب والمسلمون يومًا في مواقفهم، كما اجتمعوا في الأيام القليلة الماضية في موقف موحد للتعبير عن تضامنهم مع فلسطين ومدينة القدس المحتلة، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لكيان الاحتلال، واتخاذ قرار بنقل سفارة بلاده إليها.

فقد هبّ المئات من اللاعبين والرياضيين العرب والمسلمين على مختلف مشاربهم وعشرات الأندية الرياضية من دول شتى، للتنديد بقرار ترامب بطرق وأساليب مختلفة، وتحولت مدرجات الملاعب ومواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة عبّر فيها الجميع عن موقف واحد، مفاده أن "القدس عاصمة فلسطين".

قرار ترامب شكّل صدمة كبيرة في العالم العربي والإسلامي، ولم يكن الرياضيون خارج دائرة الغضب، فعبروا عن استيائهم من القرار، وأكدوا كلٌّ بطريقته الخاصة أن القدس كانت وستظل مدينة عربية إسلامية، وعاصمة أبدية لفلسطين.

موجة التضامن لم تقتصر على الأندية العربية فقط، بل امتدت إلى أندية أجنبية، من أوروبا إلى آسيا وإفريقيا، وصولًا إلى أمريكا الجنوبية، وشملت لاعبين حاليين وسابقين ومدربين ومحللين وصحفيين، اتفقوا على الموقف نفسه من منطلقات وطنية ودينية وإنسانية وأخلاقية.

تضامن تركي

لعل أكثر ما لفت الانتباه في خضم هذا الحراك هو التفاعل الكبير في ملاعب كرة القدم التركية، التي شهدت موجة تضامن واسعة مع القدس، وامتلأت المدرجات بلافتات وصور عملاقة وشعارات تؤكد عروبة القدس، وأنها عاصمة فلسطين الأبدية.

جماهير نادي "قونيا سبور" التركي خطفت الأضواء يوم السبت الماضي برفع "تيفو" ثلاثي الأبعاد تضامنًا مع القدس المحتلة، على هامش مباراة الفريق أمام "فنربختشه"، ضمن مباريات الجولة السابعة عشرة من الدوري التركي.

ورفعت الجماهير _بحسب ما أوردت وكالة "الأناضول"_ على المدرجات الشرقية من الملعب صورة ثلاثية الأبعاد للمسجد الأقصى، وفوقها لافتة كتب عليها: "القدس تنتظر صلاح الدين الجديد".

وإلى جانب المسجد الأقصى تضمن "التيفو" صورة لصلاح الدين الأيوبي محرر القدس ممتطيًا جواده، فضلًا عن صورة الشخصية الكاريكاتورية الشهيرة "حنظلة" حاملًا بيده علم فلسطين وبالأخرى علم تركيا، وردّدت الجماهير في الوقت نفسه هتافات: "القدس لنا وستبقى لنا".

وقبل ذلك رفع لاعبو نادي "غالطة سراي" لافتة ضخمة كُتب عليها: "القدس خط أحمر"، قبل بداية إحدى مباريات الفريق في الدوري التركي، ورفع مشجعو الفريق لافتة أخرى كُتب عليها: "القدس قبلة.. القدس معراج".

وكررت الأمر نفسه معظم الأندية التركية خلال مبارياتها، وردد مشجعوها هتافات مدوية تدعم القدس وتندد بالاحتلال الإسرائيلي، وبقرار ترامب المتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس.

كذلك عبّر اللاعب التركي الشهير أردا توران المحترف بنادي برشلونة الإسباني عن تضامنه مع مدينة القدس المحتلة، بنشر أكثر من تغريدة في حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، نشر في إحداها صورة لطفل فلسطيني معتقل ومحاصر بعدد كبير من الجنود الإسرائيليين، وكتب: "ثائرون فلسطينيون".

الملاعب العربية تنتفض

ومن تركيا إلى الجزائر، التي شهدت مدرجات ملاعبها العديد من الفعاليات التضامنية، وحرص أنصار معظم الفرق المحلية على رفع لافتات ضخمة خلال المباريات، أظهرت مدى تعلق الشعب الجزائري بالقدس وتضامنه مع الشعب الفلسطيني.

وكان اللاعب عبد الرحمن حشود نجم مولودية الجزائر من أوائل اللاعبين الذين أظهروا التضامن بالكشف عن قميص داخلي كتب عليه: "القدس عاصمة فلسطين الأبدية"، وذلك بعد تسجيله هدفًا في مرمى اتحاد الحراش.

ولم يختلف الحال في الملاعب المغربية، حيث طالب أنصار فريق حسنية أكادير بالذهاب إلى فلسطين لمحاربة الصهاينة، واستثمرت جماهير نادي الوداد البيضاوي شهودها حدثًا عالميًّا كبيرًا هو كأس العالم للأندية، لرفع الأعلام الفلسطينية خلال مباراة الفريق أمام أوراوا الياباني.

وحمل أنصار الوداد أعلام فلسطين ورددوا هتافات تعبّر عن التضامن مع فلسطين ومدينة القدس، مؤكدين أن المدينة ستظل عربية وعاصمة أبدية لفلسطين، مع المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لفرض واقع جديد.

وفي تونس رفع مشجعو النادي الصفاقسي خلال إحدى مباريات الفريق أعلام فلسطين ورددوا هتافات منددة بالاحتلال الإسرائيلي ومؤيدة للحق الفلسطيني، وحرقوا العلم الإسرائيلي، كذلك فعلت جماهير النادي الأفريقي، إذ رفعت لافتة ضخمة كُتب عليها: "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".

وفي الأردن عبّرت جماهير الفيصلي عن تضامنها مع القضية الفلسطينية، ورسمت لوحة فنية رائعة في المدرجات، تمثلت بكتابة "فلسطين" باللونين الأبيض والأزرق، وذلك على هامش مباراة فريقهم أمام الجزيرة في كأس الأردن.

أما جمهور الوحدات فقام بعمل "تيفو" مميز يجسد المسجد الأقصى وقبة الصخرة، قبل مباراة الفريق أمام شباب الأردن، وردد هتافات ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والاحتلال الإسرائيلي.

وفي لبنان أظهر لاعبو نادي النجمة مساندة قوية لفلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وذلك قبل انطلاق مباراة الفريق أمام الراسينغ في الدوري اللبناني، في حين شهدت الملاعب العراقية عدة فعاليات، كان أبرزها احتفال مهاجم نادي القوة الجوية حمادي أحمد بهدفه في شباك السماوة، برفع قميصه كاشفًا عن قميص آخر كُتب عليه: "القدس لنا".

فعاليات التضامن كانت حاضرة بقوة كذلك في مصر، مع أن المدرجات تبدو خالية تمامًا في المباريات، بفعل القرار القديم عدم السماح للجماهير بدخول الملاعب إلى حين ضمان استتباب الأوضاع الأمنية.

وحرص النادي الأهلي على إبداء تضامنه بطريقة مختلفة بنشر موعد مباراة فريقه الكروي على حسابات النادي في مواقع التواصل الاجتماعي بتوقيت القدس، إلى جانب توقيت القاهرة.

كذلك رددت أنصار الأهلي خلال البطولة العربية للكرة الطائرة للسيدات هتافات مدوية: "بالروح بالدم نفديك يا فلسطين"، وظهر العلم الفلسطيني في المدرجات خلال مواجهتي الدور نصف النهائي والنهائي من البطولة.

أما جماهير الإسماعيلي فتجمعت خلال تدريبات فريقها أخيرًا بأعداد غفيرة لمؤازرة اللاعبين، وفي الوقت نفسه رددت هتافات داعمة لفلسطين والقدس، ومنددة بالاحتلال الإسرائيلي والقرار الأمريكي الأخير.

ورفع أعضاء رابطة مشجعي منتخب السويس لافتة كبيرة كُتب عليها: "فلسطين عربية" في ستاد السويس، وحرصوا على رفع لافتات أخرى مدون عليها أسماء المدن الفلسطينية المحتلة.

وشهدت بطولة كأس الخليج بنسختها الـ23 التي تضيفها دولة الكويت رفع جماهير المنتخب العماني لافتة كُتب عليها: "القدس عربية"، إلى جانب علم فلسطين وعُمان، في موقف تضامني لافت.

سلتيك حاضر دائمًا

نادي سلتيك الأسكتلندي المعروف بمواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية على الدوام كان حاضرًا بقوة، إذ رفع جماهيره الأعلام الفلسطينية في المدرجات خلال مباراته أمام هيبرنيان، في الجولة السابعة عشرة من الدوري المحلي.

وشهدت مدرجات سلتيك رفع لافتة ضخمة كُتب عليها باللغة الإنجليزية: "القدس هي فلسطين"، منتقدين قرار ترامب المتعلق بنقل السفارة، علمًا أن جماهير سلتيك معتادة اتخاذ هذه المواقف تجاه القضية الفلسطينية، مع العقوبات التي فرضت عليها أكثر من مرة، خصوصًا من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

تفاعل إلكتروني

ولم يجد العشرات من اللاعبين والمدربين والمعلقين العرب أنسب من مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مواقفهم من القرار الأمريكي، فجذبت تغريداتهم تفاعلًا واسعًا، وردّ مئات الآلاف من المتابعين مبدين المواقف نفسه.

وكتب نجم الكرة المصرية المعتزل محمد أبو تريكة: "الكيان الصهيوني احتلال.. تعاملوا معه على هذا الأساس، ليس له عواصم أو أرض، القدس عربية إسلامية وكل الأرض".

وغرد النجم السعودي السابق نواف التمياط: "هذا ما علمته أطفالي وسيخبرون به أحفادي، أن القدس منذ الأزل والآن ومستقبلًا عاصمة فلسطين الأبدية"، وقال مواطنه ياسر القحطاني: "ما عاصره أجدادنا وولد عليه آباؤنا وتربينا عليه وما سنربي عليه أبناؤنا ويخلّد لأحفادنا هو أن القدس إسلامية عربية فلسطينية إلى أبد الآبدين".

كذلك غرد قائد منتخب مصر السابق أحمد حسن: "القدس عربية وستبقى عربية رغم أنف الجميع"، مضيفًا: "هنقولها بكل ثانية، وكل دقيقة وطول العمر: القدس عربية هتفضل عربية.. للقدس رب يحميها".

وغرد النجم المصري حسام غالي: "ستبقى القدس عربية، اللهم احفظ القدس وردها إلينا واحفظ بلادنا من كل سوء"، وكتب مواطنه محمود كهربا: "اطمئني يا فلسطين"، واضعًا صورة لمدينة القدس.

وكتب نبيل معلول مدرب المنتخب التونسي: "القدس لها رب يحميها، وستبقى عاصمة عربية إسلامية فلسطينية، شاء من شاء وأبى من أبى"، في حين قال مواطنه المعلق الشهير عصام الشوالي: "إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لـ(إسرائيل) أبكاني بحرقة".

وأضاف الشوالي: "وا أسفاه على أمة صارت تقبل الإهانة والاعتداء، وتقبل الظلم من دون ردة فعل!، يا للأسف!، عشت النكسة مرة أخـرى، جدي عاش النكبة في عام 48، ووالدي عاش النكسة في 67، وها أنا أعيش الاستسلام والخنوع في 2017م".

وأكد أن فلسطين هي قضية الجميع، مشيرًا إلى أن الأمة في مرحلة الضعف العربي، لكن النصر قادم، ورأى أن على الجامعة العربية أن تحل نفسها وتبحث عن تصور جديد لهيكل سياسي عربي جديد.

وبرز بقوة موقف المعلق الرياضي الجزائري الشهير حفيظ دراجي، الذي نشر عددًا كبيرًا من التغريدات عن القدس وفلسطين، وذلك في حسابه بموقع (فيس بوك)، الذي يحظى بمتابعة أكثر من 5 ملايين شخص، وأيضًا حسابه في موقع (تويتر) الذي يتابعه أكثر من 320 ألف.

وكتب دراجي: "‏مكة هي قبلتي، الأقصى هو مسجدي، والقدس عاصمتي، وفلسطين بلادي، كبرنا في الجزائر على مبدأ الوقوف مع فلسطين ظالمة ومظلومة".

وأضاف: "إذا كان الشعب الفلسطيني إرهابيًّا فأنا منه، ولو وقفت الجزائر "بلادي" ضد القضية الفلسطينية لعاديتها، لأن الرؤى لا تُباع ولا تشترى، مهما كانت الظروف".

ونشر دراجي كذلك صورة للطفل الفلسطيني فوزي الجنيدي محاطًا بعشرات الجنود الإسرائيليين الذين اعتقلوه خلال التظاهرات الأخيرة، وأرفقها بتغريدة: "عشرات الجنود الصهاينة من أجل اعتقال طفل فلسطيني واحد، هو بألف رجل".

وانتقد دراجي المواقف الرسمية للدول العربية تجاه فلسطين في تغريدة أخرى، كتب فيها: "لولا بعض القادة العرب لما تجرأ ترامب على فعلته، وتنديدهم بالقرار هو مجرد تحايل بمباركة من أمريكا لامتصاص غضب الشعوب التي ستبقى القدس تمثل لهم عاصمة لكل المسلمين، وليس للفلسطينيين فحسب، رغمًا عن ترامب، و(إسرائيل)، وكل المتخاذلين من قادتنا الذين يستقوون على شعوبهم، وفيما بينهم".