فلسطين أون لاين

أهمية نقل مقر الأمم المتحدة

يقصد بالحق في حرية الرأي والتعبير قدرة الإنسان على اعتناق الآراء والأفكار والمعتقدات التي يريد دون أي ضغط أو تدخل أو إجبار، وتتضمن معايير الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الانسان عشرات الوثائق والاتفاقيات والإعلانات الدولية ومن أهم تلك المواثيق التي تتناول الحق في حرية الرأي والتعبير الإعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 وهو من أهم قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة شهرة وأهمية كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وما قامت به الجمعية العامة بشأن التصويت على قرار الرئيس الأمريكي هو من مهامها واختصاصها وفقاً لميثاق الأمم المتحدة والذي يعطي الحق لتلك الجمعية بموجب المواد العاشرة والحادية عشرة من ذلك الميثاق.


التهديد الصريح والواضح والصادر عن الإدارة الأمريكية لأعضاء الجمعية العمومية يعتبر جريمة وتحديا واضحا للقوانين والمواثيق والإعلانات الدولية وهو سابقة خطيرة في هذا المحفل الدولي القانوني، وبالرغم من هذا التهديد تحدت الجمعية العامة للأمم المتحدة تهديدات الولايات المتحدة ومررت بغالبية ساحقة مشروع القرار الذي يدين اعتراف إدارة ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، حيث صوتت 128 دولة لصالح النص في تحدٍّ واضح للتهديدات الأمريكية التي كررتها السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيل وبقوة خلال خطاب لها قبل التصويت بقطع المساعدات عن البلدان التي ستصوت لصالح مشروع القرار.


قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس وكذلك التهديد الصريح اللاحق لمن يصوت ضد قرار ترامب يعتبر سابقة دولية خطيرة فهو يحول دون إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية بل يزيد الأزمة تعقيداً وصدور هذا القرار يؤكد الانحياز الأعمى للإدارة الأمريكية ووقوفها ضد قضايانا الإسلامية والعربية والدعم اللامحدود لـ(إسرائيل). من المفترض أن تكون الولايات المتحدة الامريكية كدولة كبيرة وحاضنة لمقرات الأمم المتحدة وهيئاتها ومجالسها المختلفة، أن تكون راعية للأمن والسلم العالمي والمبادرة في إنهاء النزاعات والحروب الدولية لكن للأسف تجدها مسئولة مسئولية مباشرة عن معظم مشاكل ونزاعات العالم، فجرائم أمريكا في العراق وأفغانستان وغيرها من دول العالم واضحة وأسلحتها الفتاكة وغير التقليدية تمنح لـ(إسرائيل) لتقتل آلاف الفلسطينيين في حروب عديدة، وآخر جرائمها قرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس مخالفاً لجميع القرارات الدولية الصادرة بهذا الخصوص حتى أنها وظفت مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية لتحقيق أهدافها ومن هنا نقول إن الإدارة الأمريكية نقلت دولتها من دولة عظمى ومفترض أن تكون راعية للأمن والسلم والاستقرار إلى دولة تمارس التهديد والترهيب وتخالف الشرعية الدولية بقرارتها المهددة للأمن والاستقرار وهذا من شأنه أن يقود المنطقة بل العالم كله إلى المزيد من التوتر والعنف والصراع، وهذ يستوجب من دول العالم وبالذات الدول الكبرى بأن تأخذ زمام المبادرة لوقف هذه العنجهية والتسلط أحادي الجانب ولضمان هذه الأمر فإن أول هذه الخطوات هي أن يكون مقر الأمم المتحدة ومجالسها وهيئاتها موجودة في عاصمة دولية تتصف بالحيادية والنزاهة وتحترم المواثيق والقوانين والقرارات الدولية الصادرة وبعيداً عن التهديد والترهيب وتعكير أجواء الأمن والسلم العالمي.