فلسطين أون لاين

​صرخاته من تحت الركام دلت على حياته

الرضيع "أبو شكيان" يوثق الهمجية الإسرائيلية

...
الرضيع يوسف أبو شكيان (تصوير / محمود أبو حصيرة )
غزة - جمال غيث

كان ينعم في مهده لا يرى أمامه سوى والديه وضحكات أشقائه الثلاثة الذين يحضرون بين الفينة والأخرى؛ ليداعبوه، ويقدموا له جرعات من الطعام "حليب الأطفال" عندما يشعرون بجوعه أو انشغال والدته، قبل أن تفرقهم صواريخ الاحتلال الإسرائيلية، التي استهدفت منزلهم في أبراج الشيخ زايد شمال قطاع غزة.

ويئن الرضيع يوسف أبو شكيان (ستة أشهر) من على أحد الأسرة في قسم جراحة الأطفال في مبنى الجراحة التخصصية بمجمع الشفاء الطبي، كثيرًا جراء إصابته في القصف الذي استهدف محيط منزلهم، مساء الجمعة الماضية.

وحرم يوسف، الذي أصيب إصابات بالغة في رأسه، من حنان والدته وفق جدته، التي جلست على مقربة منه في محاولة منها لتقمص دور الأم التي غُيبت عنه، على إثر إصابتها بشظايا في الرأس والظهر وتعرضت لكسر في ساق يدها، وترقد حالياً في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة.

وتتساءل المرأة الستينية بحزن، ما الذنب الذي ارتكبه حفيدها ليتم استهدافه هو وأفراد أسرته بعد أن كانوا ينعمون بالأمن؟! فلم يخرج "يوسف" للتعبير عن رفضه لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل سفارة بلاده من "تل أبيب" إليها.

وأصيب أشقاء الرضيع "يوسف" بجراح متفاوتة إثر القصف الذي استهدف محيط منزلهم في أبراج الشيخ زايد شمال القطاع، فيما نجا والده الذي خرج من المنزل قبل الاستهداف بلحظات ليحضر الطعام لأفراد عائلته.

وعثرت شقيقة أبو شكيان على "يوسف"، بعد البحث في وسط الركام وغمامة كبيرة من الغبار، تحت كومة من الحجارة سقطت عليه وأبعدته عن جوار والدته التي كانت قد انتهت لتوها من إرضاعه، وفقاً للجدة.

وتضيف أن والدته أرادت الخلود إلى النوم بسلام ولم تكن وقتها تعلم أن مساءها سينتهي وأبناؤها على ما هم عليه الآن.

وظنت بعض الطواقم التي هرعت لإنقاذ العائلة، وفق جدة أبو شكيان، أن "يوسف" قد استشهد، لتنطلق بعد لحظات صرخاته من قطع القماش التي لف بها، ليتم نقله إلى أسرة المستشفى لا إلى ثلاجات الموتى ليكون شاهدًا على جرائم الاحتلال التي ترتكب بحق أطفال غزة.

وأصيب "أبو شكيان"، وفق المشرفين على حالته الصحية، بكسر في الجمجمة، ودم على المخ، وعدة إصابات أخرى في أنحاء جسده الغض، الذي تظهر آثار الإصابة واضحة عليه، وكذلك تعرض وجهه لعدة غرز وكدمات إثر القصف.

ويحتاج "يوسف"، لمتابعة مستمرة في قسم جراحة الأطفال؛ خشية أن تسوء حالته الصحية؛ نظرًا لإصابته البالغة.

وتتعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال اعتداءاتها المتكررة على القطاع، استهداف المدنيين العزل والأبرياء في محاولة منها للضغط على المقاومة الفلسطينية للاستسلام والخضوع لإملاءاتها.

وفضلا عن القتل والتشريد الذي يتسبب به القصف، يعاني آلاف من الأطفال في غزة من صدمات نفسية جراء ما يشاهدونه من دمار ومناظر مأساوية ناتجة عن العدوان الإسرائيلي. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن قرابة 326 ألف قاصر في غزة بحاجة إلى دعم نفسي.

وتشهد عموم أراضي فلسطين المحتلة هذه الأيام مواجهات مع قوات الاحتلال، ومظاهرات في مختلف دول العالم، احتجاجًا على قرار ترامب، المخالف للمواثيق الدولية.

وكانت (إسرائيل) احتلت شرقي القدس عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمها إلى غربي المدينة، معلنة إياها عاصمة موحدة وأبدية لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.

ووفقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تعتبر إجراءات الاحتلال في مدينة القدس "باطلة، ولا تترتب عليها أية آثار قانونية؛ لأن الاحتلال لا يخول بنقل السيادة على القدس إلى الدولة المحتلة لأنه مؤقت ومحدود الأجل وفقا لقرارات الأمم المتحدة".