اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري التونسي لا يقل ألمًا على المستوى الفلسطيني من اغتيال المهندس يحيى عياش أو محمود المبحوح رحمهما الله تعالى. لقد تفاجأنا باغتيال محمد الزواري، كما تفاجأنا أنه من قيادات كتائب القسام في هذا المضمار. ولو لم تنعَ كتائب القسام الزواري في بيان لها ما علمنا نحن ولا ذووه أنه كان يعمل مجاهدا وقائدا في كتائب القسام.
لقد عمل الزواري بسرية وتكتم، وأخفى علاقته مع القسام عن المقربين إليه من عائلته كما أخفاها عن الأبعدين، ومع ذلك نجح الموساد الصهيوني في كشف هذه العلاقة، وبعدها قرر اغتيال الزواري، بحسب القاعدة الصهيونية التي تؤمن بها دولة العدو، والقائلة بأن التصفية الجسدية تعيق تطوير العمل والكفاح، وأن ترك الزواري حيًا هو قنبلة متفجرة لاحقًا.
كانت الأسئلة التي دار حولها الأعلام هي:
كيف تمكن الموساد من كشف علاقة الزواري مع كتائب القسام، وكشف دوره في صناعة طائرة أبابيل دون طيار؟! وهل وسائل الاتصال الحديثة هي السبب؟! أم أن تنقلات الرجل بين لبنان وتركيا وسوريا هي السبب؟! أم أن تخصص الرجل في مجال الطيران غير المؤهول هو السبب؟! وكان السؤال المهم كيف تمكن الموساد من اختراق تونس ومراقبة الزواري من قرب لأشهر خلت قبل الاغتيال؟! وكيف تمكن فريق الاغتيال من الخروج من تونس بعد عملية الاغتيال؟!
هذه بعض الأسئلة التي دار حولها الإعلام بعد الكشف عن عملية الاغتيال الخميس ١٦/١٢/٢٠١٦م، ولكن العملية فيما يبدو لي أوسع من ذلك وأعقد، وأن الأسئلة التي تثيرها عملية الاغتيال هي أكبر من ذلك بكثير. والسؤال التي نوجهه لتونس قائلين: أين الأمن التونسي من المسألة؟! أم أن تونس مرتع للموساد ولمخابرات دول أخرى؟! وما هي المسئولية التي تقع على الحكومة في حماية مواطنيها؟! ولماذا لا تخشى حكومة العدو التي اتخذت قرار التصفية الجسدية على الأرض التونسية بالحسبان غضب الحكومة التونسية؟!
هل يمكن القول بأن تونس كالإمارات المتحدة التي شهدت قبل بضع سنين اغتيال الشهيد محمود المبحوح، وسمعنا من ضاحي خلفان قصصًا ومعلومات حول الاغتيال، وتتبع للقتلة، وكان كل ما سمعناه كلامًا في كلام، فهل تتجه الحكومة التونسية للشيء نفسه تسمعنا جعجعة بغير طحن، أم أن تونس في عهد الثورة والحرية ليست كتونس التي شهدت اغتيال أبي جهاد مثلا؟!
قلنا سابقًا، ونكرر ما قلناه: إن الاغتيال لا يقتل أمة، ولا يفتك بجماعة تملك إرادة المقاومة كما تملكها حماس، ومحمد الزواري المهندس العالم ليس الفرد الوحيد في فريق العمل الذي عمل منذ سنين في الجهاد والتصنيع، فهناك من سيواصلون طريقه.
إنه رغم هذه الخسارة الكبيرة باغتياله. فإنه يجب على حماس وعلى النظام العربي فتح ملف عمل الموساد في البلاد العربية والخارج، ودراسة سبل مواجهته حيثما يعمل، والأخذ بقاعدة الهجوم خير وسيلة للدفاع. رحم الله الزواري وأسكنه فسيح جناته فلم ينسَ في حياته واجب بيت المقدس.