وإن كان فراق المهندس التونسي محزنًا لنا ولذويه ولقومه ولرفاقه؛ فإن الحزن الأشد مرجعه إلى اكتشاف أمر هذا المخترع المبدع على يد عملاء (موساد) الإسرائيلي، وهذا سؤال ستجيب عنه كتائب القسام بالتحقيق المعمق.
وإذا كانت تصفية هذا المهندس المخلص لوطنه ودينه فوق الأراضي التونسية مقلقة لأمن كتائب القسام؛ فإن وصول أذرع (موساد) إلى صفاقس في تونس لهو مصدر قلق للأنظمة العربية التي أمست مكشوفة للمخابرات الإسرائيلية، وهذا واجب تونس.
إن تفاخر جهاز (موساد) الإسرائيلي بتصفية المهندس التونسي محمد الزواري لا يرجع إلى الاستخفاف بالدول العربية والقانون الدولي، وإنما يرجع إلى شعور جهاز (موساد) الإسرائيلي بالضعف والعجز أمام تطور منظومة المقاومة الأمنية، لذلك سارع جهاز (موساد) إلى إثبات حضوره، والكشف أمام المجتمع الإسرائيلي عن قدراته الخارقة بطريقة ممجوجة، لا يقل وقاحة عن إعلان (موساد) الوقح تصفية الشهيد أبي جهاد على الأراضي التونسية نفسها قبل ثلاثين عامًا.
وإذا كان اكتشاف أمر المهندس المخترع مصدر فخر لجهاز (موساد) الإسرائيلي؛ فإن مشاركة هذا المهندس التونسي المبدع لكتائب القسام في اختراعاتها وإبداعاتها المقاومة لهي مصدر فخر واعتزاز لكل العرب، وذلك لعدة أسباب:
أولًا: أن كتائب القسام لم تعد تخص الفلسطينيين وحدهم، وإنما صارت تخص كل شرفاء الأمة العربية، وهذا وحده يشكل نقطة إثارة مضيئة في الذاكرة العربية، التي تحتضن المقاومة، وتضحي في سبيلها تضحية لا تقل عن تضحية الشعب الفلسطيني.
ثانيًا: أن قدرات كتائب القسام القتالية المتطورة، التي ستحمل المفاجآت للعدو الإسرائيلي في الحرب القادمة؛ هذه القدرات هي إنتاج كفاءات الأمة العربية والإسلامية التي نذرت نفسها للمقاومة، وهي على استعداد إلى تقديم الغالي والرخيص من أجلها.
ثالثًا: أن العاقل من يتعلم من الخطأ، ويجتاز آثاره السلبية، ويطور مهاراته القتالية دون توقف، وذلك بالانفتاح على قدرات وطاقات الشعوب العربية التي أضحت تجد المقاومة الفلسطينية حضنًا حنونًا، يستوعب قدراتها وإبداعها، ليشكل استشهاد المهندس الزواري حافزًا ومنطلقًا لآلاف المهندسين العرب المبدعين الذين سيحرصون على التواصل مع كتائب القسام، لتقديم خدماتهم في المجالات كافة.
رحم الله شهيد الحق والواجب والوفاء المهندس التونسي العربي المسلم محمد الزواري.