الميدان هو تيرمومتر الشعوب لا منصات التواصل الاجتماعي، كما يؤكد المقدسيون، الحشد على الأرض رسالةٌ للعالم بأن في القدس رجالا لا يركعون ولا يستلمون لمحاولات الاعتداء على مدينتهم المقدسة رغم ما يواجهونه من خذلان.
بعد إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" أن القدس عاصمة "اسرائيل"، هبّ المقدسيون للاحتجاج في الشارع، تاركين "لوحة المفاتيح"، لأن العالم لا يفهم إلا لغة القوة، وهو ما يحتاجونه في حرب إثبات الوجود على الأرض.
كيف يوصل المقدسيون صوتهم للعالم؟ وما وسائلهم في ذلك؟ هل يكفيهم الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة أساسية اليوم؟ هذه الأسئلة طرحتها "فلسطين" على عضو المجلس التشريعي عن القدس جهاد أبو زنيد، والناشط المقدسي أسامة برُهم..
الحشد والمقاطعة
تقول النائب جهاد أبو زنيد لـ"فلسطين" إن المقدسيين خرجوا إلى الشوارع للاعتصام ليثبتوا أن القدس فلسطينية.
وتضيف: "ستتم مقاطعة البرامج الأمريكية الثقافية والاجتماعية، وهناك مقاومة من نوع آخر من خلال التواجد في المدارس والجامعات وتفعيل قضية القدس".
وتتابع في حديثها لـ"فلسطين": "ردا على إعلان ترمب، يتعين على المقدسيين تعزيز وجودهم ثقافيا واجتماعيا في كل المجالات".
ولمزيد من نشر القضية، تشير أبو زنيد إلى أن المقدسيين سيوقّعون عرائض يوجهونها للإدارة الأمريكية، وللمؤسسات الدولية العاملة في القدس.
وتؤكد: "الميدان يوصل رسائل أقوى من التغريد عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهذا ما أثبته المقدسيون في معركة البوابات الإلكترونية مع المحتل، والتي هزت العالم"، داعية الشعوب العربية إلى مزيد من الدعم والحشد في الميادين ليعلو صوت القدس أكثر.
ما يجري على الأرض
الناشط المقدسي أسامة برُهم يتحدث عن نشاط المقدسيين في توصيل قضيتهم للعالم، قائلا: "في صبيحة اليوم التالي للإعلان الأمريكي، احتشد المقدسيون عند باب العامود، بعد دعوة مقدسية خالصة غير تابعة لأي حزب أو فصيل، وكان مقررا لهذه الوقفة الاحتجاجية أن تبدأ في الساعة الواحدة ظهرا، ولكن المقدسيين لم يستطيعوا الانتظار فبدؤها في العاشرة صباحا".
ويضيف بُرهم لـ"فلسطين": "رفض المقدسيون أن يكون نشاطهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أي مقدسي يكتفي بالنشر عبرها دون التحرك على الأرض يُسأل ما الذي يمنعك من النزول إلى الميدان؟ ذلك لأن "ترمب" والعالم يتابعون ما يجري على الأرض وليس على منصات التواصل".
ويتابع: "يخشى الاحتلال على صورته في الإعلام، لذا فهو يلجأ، في تفريقه للمحتشدين، إلى الهراوات، ويفعل ذلك بطريقة تكتيكية محنكة ليمنع وصولهم إلى المسجد الأقصى".
ويمضي في حديثه: "اشتقت لرؤية هذه الأعداد من المقدسيين، لم أرَها منذ تظاهرات الحرب الأخيرة على غزة، كان من أمنيات المقدسيين الحشد والتظاهر أمام باب العامود".
ويشير برهم إلى أن المقدسيين عندما نزلوا إلى الشارع توجهوا للتظاهر أمام "البيت الأمريكي" في القدس، لتوجيه رسالة مباشرة للإدارة الأمريكية بأن أهل المدينة المقدسة يرفضون قرار "ترمب" ويؤكدون أن القدس هي العاصمة الأبدية لـفلسطين.
ويوضح: "حربنا تكون بوجودنا في الميدان، وليست حربا افتراضية تُقاد عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهذا الرأي يتبناه كثير من المقدسيين، لأن التحركات على الأرض تأخذ أصداء مضاعفة بالمقارنة مع ما يُنشر عبر وسائل التواصل".
رسائل من الميدان
وعن الرسائل التي يريد "برُهم" توجيهها من خلال نشاطه في الميدان، يقول: "أحمل ثلاث رسائل: الأولى موجهة للمقدسيين وهي أننا بين خيارين أن نكون أو لا نكون، لذا علينا بمزيد من التوحد، وأن نفهم قضيتنا أكثر، وأن نتكاتف لكي نبقى مرابطين في المدينة".
ويضيف: "رسالتي الثانية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، أنه آن الأوان لتكون القدس هي القضية الأولى، إذ ليس لدينا وقت لكل القضايا الثانوية، القدس آيلة للسقوط، وإذا سقطت, سقطت معها كل قضايانا".
الرسالة الثالثة من الميدان هي للعالم العربي: بعد 70 عاما من الاحتلال لا نعوّل على أحد، علموا أولادكم بأن هناك دولة اسمها فلسطين وليس (اسرائيل)".
أما الاحتجاج عن طريق الإضراب، فيرفضه برهم، مفسرا موقفه: "بفعل الإضراب (تموت) المدينة وتصبح ساحة لاحتفالات الإسرائيليين، والأصل يجب أن تبقى الأسواق والشوارع تعج بالناس، ليحتشدوا ضد الاعتراف الأمريكي".