لا يمتلك الشعب الفلسطيني إلا الفرح تثميناً للتوافق الذي تم بين السيد إسماعيل هنية والسيد محمود عباس على ضرورة خروج الجماهير الفلسطينية يوم الأربعاء المقبل رفضا للقرار الأمريكي حول الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل؛ هذا التوافق الفلسطيني الداخلي ليؤكد أن اللقاء في الميدان لمواجهة العدوان هو العنوان الصحيح للمصالحة، وأن الابتعاد عن مواجهة المحتلين هو البيئة الخصبة للخصومة، والاختلاف، والصراع على تفسير لفظة في معجم اللغة.
التوافق بين فتح وحماس سينعكس على أرض الواقع وحدة وطنية، ولا سيما أن الطرفين قد تحدثا عن ضرورة حشد الجهود الإعلامية في معركة القدس والقضايا الوطنية ووقف التراشق الإعلامي الداخلي، ليكون يوم الأربعاء يوم فلسطين، يوم القدس التي تنتظر كل أبنائها، وهم يتكاثفون مع بعضهم بعضًا، يتصدون بصدورهم وسلاحهم لعدوهم.
ويوم الأربعاء هو يوم الاختبار الحقيقي للنوايا الفلسطينية تجاه قضيتهم، وتجاه أنفسهم ومستقبلهم، وتجاه المصالحة نفسها، فأي إعاقة للخروج الجماهيري له تفسيره الشعبي الخطير، وأي تقاعس عن الخروج بكل ثقل في ذلك اليوم له دلالاته السياسية، وأي تراخٍ أو توانٍ من قبل التنظيمات الفلسطينية سيعطي انطباعاً سلبياً، ولاسيما أن أمريكا وإسرائيل تراقبان ردة الفعل الفلسطينية، وإلى أي مدى وحدت الخطوات الأمريكية الفلسطينيين حول أهدافهم السياسية.
إن تأكيد إسماعيل هنية ومحمود عباس ضرورة التقدم السريع في خطوات المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، وضرورة تطبيق الاتفاقات الموقعة وخاصة اتفاقية القاهرة 2011 وملحقاتها، والتأكيد على مبدأ الشراكة والمضي في القضايا الوطنية بما فيها الانتخابات ومنظمة التحرير، كل ذلك الحديث السياسي الذي مر كثيراً على شعبنا، ولم يلمس له نتائج عملية على الأرض، حتى يومنا هذا، كل ذلك الحديث يقع تحت مراقبة الشارع الفلسطيني، الذي ينتظر يوم الأربعاء كي يرى ثمار التصريحات مواقف ومواجهات وتصديًا مشتركًا للعدوان، ولا سيما أن مصادر في حركة فتح قد أكدت أن السيد عباس سيوافق على إقامة مهرجان انطلاقة حماس بالضفة، وهذا مؤشر إيجابي، تتوقع الجماهير أن يترافق بقرار رفع العقوبات عن الناس في غزة، كخطوة عملية تدعم المصالحة.
إن تلقى حركة حماس وعوداً من حركة فتح برفع الحظر تدريجياً عن نشاطهم السياسي والميداني بالضفة الغربية، واستعداد حماس لإقامة مهرجان انطلاقتها الأول من نوعه والأكبر بالضفة لخير دليل على وحدة الموقف الفلسطيني حول القدس التي تتعرض للمؤامرة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة، فالقدس هي وجدان الأمة العربية كلها، ولا يصير أن يطالب الفلسطينيون من الدول العربية والشعوب العربية باتخاذ مواقف داعمة للقدس قبل أن يبدأ الفلسطينيون بأنفسهم، والتي تتمثل بوحدة الموقف، ووحدة الفعل الميداني الذي سيفرض نفسه على الخريطة السياسية، وعلى صفقة القرن التي يرتب لها بليل نتنياهو وترامب، والتي تجلت تعبيراتها بتأجيل صدور القرار الأمريكي حتى يوم الأربعاء، في توقيت مشبوه، لا يهدف إلى جس النبض العربي بمقدار ما يهدف إلى تهيئة النفسية العربية لتقبل القرار.
إن يوم الأربعاء هو يوم الوحدة الوطنية الفلسطينية في الميدان، اليوم الذي سيقود فيه الشعب الفلسطيني حراكاً عربياً يتصدى للمؤامرة الأمريكية ضد المقدسات العربية والإسلامية.