قائمة الموقع

حكومة الحمد الله أمام اختبار وطني ومطالبة بالانصياع لمطالب الشعب

2017-12-03T06:35:21+02:00

لطالما كانت حكومة رامي الحمد الله مثار جدل في الساحة الفلسطينية، فهي التي توصف بـ"حكومة التوافق"، لكنها تواجه اتهامات وطنية واسعة النطاق، بالتخلي عن مسؤولياتها تجاه قطاع غزة، بل وتنفيذ إجراءات عقابية بحقه، والالتزام بأوامر منفردة من حركة فتح.

ومن غير المعلوم بعد إذا كانت الحكومة ستلتزم ببند في اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي حماس وفتح في القاهرة في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ينص على أن "تقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين (موظفي القطاع) لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة (القانونية/الإدارية) اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017".

لكن عضو اللجنة المركزية لفتح عزام الأحمد، قال في تصريحات إذاعية سابقة، إن صرف رواتب موظفي غزة "مرتبط بتمكين الحكومة من عملها"، رغم أن الأخيرة تسلمت وزارات ومعابر القطاع فعليا.

وكانت السلطة تتخذ اللجنة الإدارية المنحلة-التي صادق المجلس التشريعي عليها في مارس/آذار الماضي، "لسد الفراغ" الناجم عن عدم قيام حكومة الحمد الله بمهامها في القطاع- ذريعة لإجراءات وصفتها بأنها غير مسبوقة بحق غزة، طالت مناحي الحياة الأساسية، كالكهرباء والصحة.

ولم تلغ السلطة هذه الإجراءات على الرغم من حل اللجنة الإدارية بمبادرة من حركة حماس، "استجابة للجهود المصرية، بقيادة جهاز المخابرات العامة المصرية".

"حكومة فتح"

ومن منظور المحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، فإن حكومة الحمد الله "تتصرف وكأنها تمثل طرفا معينا على حساب باقي الشعب الفلسطيني، وتأتمر بأوامره"، في إشارة إلى حركة فتح، مؤكدا أن هذا "غير مقبول، وهي بهذا تفقد شرعيتها".

ويُفترض بالحكومة –يقول سويرجو لصحيفة "فلسطين"- أن تكون مرجعيتها التوافق وليس أي جهة تنظيمية كانت، مبينا أن على الحكومة أن تصوب مسارها لتكون ممثلا للشعب الفلسطيني بأكمله، وتنصاع لمصالحه، وليس "لفئة لديها أجندات خاصة، تهدف في النهاية إلى تركيع الشعب الفلسطيني"؛ وفق وصفه.

ويتابع: "ما يجري الآن مرفوض بشكل قطعي ولا يجوز أن تستمر المجزرة السياسية التي تمارس ضد قطاع غزة من خلال استمرار الحصار والعقوبات التي تتحمل جزءا كبيرا منها هذه الحكومة، لأنها تأتمر بأوامر غير توافقية.. أي لا تتقاطع مع التوافق الفلسطيني، وإذا رفضت ذلك عليها أن تستقيل فعلا".

ويشير سويرجو، إلى أن الحكومة جهة تنفيذية، وعليها أن تطبق البرنامج الذي تم التوافق عليه وطنيا، والتي تم تشكيلها لأجله.

وحكومة الحمد الله تم تشكيلها بموجب إعلان الشاطئ في 2014، وترفض منذ ذلك الحين صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم الحكومة الفلسطينية السابقة برئاسة إسماعيل هنية.

التمكين.. مصطلح هلامي

ويقول سويرجو، إن مفهوم "التمكين" الذي يتداوله مسؤولو حركة فتح، "هلامي، ولا أحد يستطيع ضبطه"، مضيفا أن له "أغراضا غير مفهومة وغير مقبولة".

ويوضح أن "التمكين يجب أن يأتي على أساس الشراكة السياسية الكاملة وليس تحت مصطلح الإقصاء وشطب الآخر"، مردفا: "مفهوم التمكين يجب أن يشطب من المفاهيم الفلسطينية لأنها أصبحت كلمة مثيرة للاشمئزاز لدى أبناء الشعب الفلسطيني".

ويطالب سويرجو، برفع "الضائقة" عن أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وفي الوقت نفسه التمسك بحقوق الفلسطينيين في أن تصبح منظمة التحرير شاملة للكل الفلسطيني "وليست محسوبة على طرف يتمسك باتخاذ القرارات فيها"؛ في إشارة لفتح.

ويقول: "نحن أمام مرحلة صعبة جدا وفي النهاية سينتصر الاصطفاف الذي ينحاز للناس وليس الذي يدير ظهره لهم".

ويعتقد المحلل السياسي أن في تداول مصطلح "التمكين" من قبل مسؤولين في فتح والسلطة، ثمة "مماطلة ومحاولة لحرق الوقت من أجل الوصول للسيطرة الكاملة على كل مؤسسات ومكونات النظام السياسي الفلسطيني، ودون السماح لأي طرف في أن يكون شريكا حقيقيا ومؤثرا في المستقبل على نتائج الانتخابات وشكل القيادة الفلسطينية القادمة".

ويرى أن هؤلاء المسؤولين يعملون على التمسك بالسلطة إلى أبد غير واضح وهو "أمر مرفوض وغير مقبول"، مؤكدا أن على الجميع أن يعلم أن منظمة التحرير هي مؤسسة تابعة لأبناء الشعب الفلسطيني في الدخل والخارج، لتمثل الكل الوطني، "ولا يجوز لأحد أن يحتكرها".

وكانت حماس طالبت أمس، في بيان، حكومة الحمد الله بالقيام بواجباتها ومسؤولياتها كاملة وفي مقدمتها "رفع العقوبات الظالمة عن شعبنا في غزة" أو تقديم استقالتها وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

تصعيد سياسي

من جهته، يرى المحلل السياسي هاني حبيب، أن ما أعلنته حماس في بيانها هذا هو "تصعيد سياسي لإجبار حكومة الحمد الله على الوفاء بتعهداتها لوقف العقوبات والإجراءات التي اتخذتها ضد المواطنين في قطاع غزة، بما يشمل ذلك الاقتطاعات من الموظفين وحملات التقاعد الإجباري المبكر بالإضافة لملف الكهرباء وغير ذلك".

ويقول حبيب لصحيفة "فلسطين": "هذا التصعيد من شأنه أن يدفع المواطنين والرأي العام إلى التعاضد للضغط على الحكومة من أجل الوفاء بتعهداتها"، مبينا أنه جرى حل اللجنة الإدارية في غزة دون أن تفي الحكومة بوعودها.

وفضلا عن ذلك، فإن الحكومة كما تبين لم تكن مستعدة بشكل كاف لتسلم الوزارات والمؤسسات الحكومية في القطاع، بحسب حبيب، الذي يوضح أن تجربتها في معبري رفح وكرم أبو سالم تشي بأنها لم يكن لديها أي خطة أو جدية في التعامل مع ملف المصالحة، ومن هنا جاءت المطالبة باستقالتها إذا لم تفِ بتعهداتها.

وينوه حبيب إلى أن الإجراءات العقابية بحق غزة، غير قانونية بالأصل، وتتنافى مع القانون الأساسي الفلسطيني والقوانين المعمول بها، ومن شأنها أن تزيد "من الإحباطات" لدى الجمهور في القطاع الذي يعاني من الحصار.

ويعتقد أن من البديهي القول إن الحكومة "تخضع تماما لحركة فتح"، مذكرا أن رئيس السلطة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس، وهو رئيس فتح.

ويؤكد حبيب أن الأوان آن، لتكون أي حكومة "بمعزل عن العملية الفصائلية، والتيارات السياسية، ولتكون تلبية لنتائج الانتخابات التشريعية بالدرجة الأولى وليست حكرا على فصيل يستأثر بها بقوة الأمر الواقع".

"على الحكومة أن تفي بتعهداتها قبل كل شيء حتى تمنح المواطن آمالا حقيقية بأن عجلة المصالحة دارت"؛ يواصل حبيب حديثه بشأن حكومة الحمد الله.

ويرى أنه بات من الضروري العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية من الفصائل بما فيها حركتا حماس والجهاد، بما يجعل الشراكة الوطنية في القرار الفلسطيني على الأقل على الصعيد الداخلي معمولا به.

وينتظر المواطنون رفع العقوبات بحقهم من قبل حكومة الحمد الله، وما إذا كانت ستستجيب لنداءات الكل الوطني المطالبة بذلك.

اخبار ذات صلة