فلسطين أون لاين

​رأي الوطن.. المطلوب تضامن عملي مع الفلسطينيين

...
افتتاحية الوطن العمانية

ستة عقود ونيف مرت على وضع القضية الفلسطينية، هي تمثل عمر الكيان المغتصب، وكذلك عمر قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، وجمعيتها العامة، ومعه أيضًا عمر ما وُقِّع من اتفاقات وعُقد من مؤتمرات دولية عديدة، وللأسف الشديد طوال هذا العمر لم تتقدم القضية الفلسطينية إلى الأمام قيد أنملة؛ مع ما تمثله من قضية عادلة، وتعد آخر قضية لا يزال يقبع خلالها الشعب الفلسطيني في براثن أقبح وأقذر احتلال تعرفه البشرية؛ احتلال لا يريد ـ رغم كل التنازلات المؤلمة ومساعي السلام والأيادي العربية والفلسطينية الممدودة ـ أن يرفع أنيابه المسمومة من الجسد الفلسطيني وكذلك العربي.

وحين نأتي إلى ذكر عمر القضية الفلسطينية فإن هذا العمر ينسحب أيضًا على “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني”، الذي تحتفل به الأمم المتحدة في الـ29 من نوفمبر من كل عام، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراريها الصادرين في الـ2 من ديسمبر 1977 والـ12 من ديسمبر 1979. وكان اختيار هذا اليوم لما ينطوي عليه من معانٍ ودلالات بالنسبة للشعب الفلسطيني. ففي ذلك اليوم من عام 1947، اتخذت الجمعية العامة القرار 181 الذي أصبح يعرف باسم قرار التقسيم. وقد نص القرار على أن تُنشأ في فلسطين “دولة يهودية” و”دولة عربية”، مع اعتبار القدس كيانًا متميزًا يخضع لنظام دولي خاص. إلا أنه منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم تبرز من هاتين الدولتين إلى العلن سوى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

جميل أن تحيي الأمم المتحدة وجمعيتها العامة وهيئاتها هذا اليوم، ولم تضعه في خانة النسيان أو تضعه على رفوفها بجوار ما أصدرته من قرارات تؤيد الحق الفلسطيني، وجميل منها أنها لا تزال تتذكر الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، إلا أن الشعب الفلسطيني يتطلع إلى أن ترتقي المنظمة الدولية إلى مستوى الحدث وحجم قضيته، وهنا لا يتسول منها شيئًا جديدًا، وإنما يتطلع إلى أن تفي بما اتخذته من قرارات، وأن تكون عند مسؤولياتها ومهامها ووظائفها التي من أجلها أُنشئت، فالشعب الفلسطيني لا يزال آخر شعب يقبع في براثن الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل تنمره على الحقوق الفلسطينية، وممارسة جرائم حربه بحق هذا الشعب، متخذًا من المواقف الدولية المتخاذلة وفي مقدمتها موقف الأمم المتحدة، وكذلك المواقف المنحازة والممالئة ضوءًا أخضر ليمعن في جرائمه واحتلاله، ويمتنع عن التجاوب مع نداءات السلام، عاضًّا الأيادي الفلسطينية والعربية الممدودة، رافضًا أفضل مبادرة سلام تقدم إليه على طبق من ذهب، تعطيه ما لم يحلم به على الإطلاق من أرض وعلاقات وتبادل مصالح وتبادل تجاري واقتصادي، لكنه ـ مع الأسف ـ يفسر أيادي السلام ومبادراته بأنها ضعف عربي وفلسطيني.

ويبدو أن هذا الكيان الاحتلالي يتطلع إلى المرحلة الراهنة اعتمادًا على تغيرات وتحولات جذرية في المنطقة، بقوة تدخلاته وتحالفاته الاستراتيجية مع القوى الاستعمارية ذات الخبرة الطويلة بالمنطقة، ومع أدوات وظيفية وخادمة يمكن التعويل عليها في إحداث نقلة نوعية نحو تحقيق تطلعاته التلمودية بإقامة ما يسمى “وطن يهودي خاص باليهود”، وتحقق حلمه بأن يرى الشعب الفلسطيني وقد ابتلعه بحر غزة. لكن رغم ذلك، يبقى التقدير أن الشعب الفلسطيني قادر على كسر كل الرهانات الاستعمارية، وتبديد جميع الأحلام والتطلعات الصهيونية متى أراد ذلك، وتوافرت لديه الإرادة واتجه إلى الوحدة والتلاحم بصورة جدية، وقرأ الأحداث والتحولات في المنطقة قراءة سليمة وواقعية ومنطقية وموضوعية.