وأخيرًا تحدث اليسار عن أسس النظام الفلسطيني، فقد جاء على لسان العضو النائب قيس أبو ليلى أن القانون الأساسي الفلسطيني لا يتيح لعباس أن يرفع الحصانة عن أي عضو في المجلس التشريعي، وهذا اختصاص المجلس التشريعي نفسه بلا منازع.
من المعلوم أن عباس قرر رفع الحصانة الدبلوماسية عن خمسة من نواب فتح هم أعضاء في المجلس التشريعي وتقديمهم للمحكمة بسبب الفساد، بناء على فتوى من المحكمة الدستورية. اليوم يقول أبو ليلى إن هذا غير جائز، وإن الفتوى تقود إلى زعزعة أسس النظام السياسي الفلسطيني، والتعجيل في تآكلها؟!
نائب رئيس المجلس التشريعي أحمد بحر، وحسن خريشة، قالا كلاما واضحا في هذا الشأن منذ أسابيع، مع أن الأعضاء المتضررين ليسوا من حماس. باختصار صوت التشريعي وصل من فترة كافية إلى محمود عباس، ولكن هل يعترف محمود عباس بالمجلس التشريعي أصلا؟! وهل يحرص على ممارسة التشريعي لدوره؟! ثم من متى يحترم عباس القانون الأساسي الفلسطيني الذي ينظم الحياة السياسية الفلسطينية؟!
إن انتقاد "أبو ليلى" جاء متأخرا، ومع ذلك نقول أن تأتي متأخرا خير من ألّا تأتي، ولكن ألا يتفق معي أبو ليلى أن تعطيل المجلس التشريعي لهذه السنوات الطويلة هو عمل يزعزع أيضا النظام السياسي الفلسطيني؟! عباس يستطيع دعوة المجلس وتفعيله، ولكن عباس لا يريد دعوة المجلس ولا تفعيله، لأنه يريد أن يعمل في الساحة الفلسطينية منفردا بلا حسيب ولا رقيب؟!
إن تغول السلطة التنفيذية ممثلة في محمود عباس وابتلاعها كل السلطات على حد تعبير "أبو ليلى" سيكون له تأثير سلبي على السلطة الفلسطينية، وعلى النضال الوطني أيضا؟! وهو قول لا يحمل جديدا، ويجوز معه قول صح النوم، فإن السلطة التنفيذية ممثلة بعباس متغولة على جميع السلطات الأخرى منذ سنين، وليس من يوم رفع الحصانة المذكورة هنا في المقال.
ألم يقرأ الأخ المذكور عن قطع رواتب الموظفين من حماس، ورواتب المتجنحين من فتح، وإغلاق المجلس التشريعي في الضفة؟! أليس في قطع الراتب الذي هو حق مقدس لأسرة الموظف تغول كاف ليقال لعباس وسلطته الفردية كفى، فقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى؟!!،
ثم هل كان تشكيل المحكمة الدستورية بمرسوم رئاسي تشكيلا صحيحا يتمشى مع ما يقرره النظام الأساس الفلسطيني؟! وعليه يا سيدي فإن المشكلة في الأصل ليست في رفع الحصانة، بل المشكلة في تشكيل محكمة دستورية تأتمر بأمر القيادة التنفيذية.
أسس النظام الفلسطيني يا سيدي (اتبهدلت) بأمر من عباس منذ أن فازت حماس بالانتخابات التشريعية في ٢٠٠٦م، وكان اليسار الفلسطيني ظهيرا لعباس في هذه البهدلة، لأنهم لم يستطيعوا التفرقة بين بهدلة حماس، وبهدلة النظام السياسي الفلسطيني ، حتى كان ما كان مع مرور الأيام.