هي قرية صغيرة شمال غرب مدينة القدس المحتلة، يعيش سكانها أوضاعًا معيشية صعبة جدًا، هم معزولون تمامًا عن باقي قرى ومدن الضفة الغربية، كما أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض عليهم قيودا في الحركة، فلا يستطيعون الخروج من قريتهم، أو الدخول إليها إلّا في أوقات معينة، فحاجز "الجيب" على مدخل القرية يشكل نقطة معاناة دائمة لهم، إذ يستوجب إدخال أي احتياجات أو بضائع استهلاكية تنسيقا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال.. "فلسطين" ترصد في السطور التالية تفاصيل أكثر عن قرية "النبي صموئيل" وأهلها وحياتهم فيها..
المدرسة الأصغر
عام 1967، هجّر الاحتلال سكان قرية النبي صموئيل، ولم يبقَ فيها من أهلها سوى 300 شخص فقط.
تقول رئيسة جمعية النبي صموئيل نوال بركات، إن القرية كانت عبارة عن بيوت مقامة حول مسجد النبي صموئيل، وفي عام 1971 هدم الاحتلال بيوت أهل القرية، وهجّرهم إلى بيوت أملاك الغائبين.
وأضافت لـ"فلسطين": "من ذلك الحين، طوّق الاحتلال البلدة بالجدار، وعزلها عن القرى المحيطة بها، وفصلها عنها تماما، وأصبحنا ندخل القرية عن طريق معبر (الجيب)".
وتابعت قولها: "أهل القرية مسجّلون في سجل خاص على المعبر، والعبور من خلاله يكون ببطاقة الهوية، كما أن قوات الاحتلال منعت سكان القرى المحيطة والأقارب من الدخول إلى القرية إلا بتنسيق أمني وبتصريح خاص".
وأكملت قولها: "نحن في هذه القرية نحمل هوية فلسطينية، وممنوعون من دخول القدس، ومن يدخلها يُسجن، ويدفع غرامات مالية ليخرج من السجن، كما أن القرية فيها أصغر مدرسة في فلسطين".
هذه المدرسة عبارة عن "كونتينر"، أي شاحنة كبيرة يدرس فيها 17 طالبا وطالبة، و50 طالبا من القرية يدرسون في القرى المجاورة لعدم وجود مكان لتعليمهم في المدرسة.
وأوضحت بركات: "يوجد باص واحد في المدرسة، وهو وسيلة النقل الوحيدة لأهل القرية، كما يُمنع دخول السيارات العادية للمنطقة، سوى سيارة واحدة للطوارئ مسجلة على المعبر، تُستخدم حين يحتاجها أحد لأمر ضروري".
غالبا، تلد نساء القرية في بيوتهن، لعدم القدرة على نقلهن إلى المشافي، كما لا يوجد مركز صحي خاص لأهالي القرية، وكثير من حالات الوفاة حدثت نتيجة عدم وجود عيادة خاصة للأهالي.
البناء ممنوع
بيوت القرية تعود إلى 1967، وهي مبنية من الأحجار القديمة، وسطح المنزل على شكل قبة، وحاليًا، بناء أي منشآت جديدة فيها ممنوع، وهذا من أسباب ترك بعض أهلها لها في السنتين الأخيرتين بحسب بركات.
وقالت: "حتى إقامة خيمة أو بناء منزل صغير أو غرفة ممنوع، وإذا فعل أحد سكان القرية ذلك، فعلى الفور يهدم الاحتلال ما بناه، رغم أن جميع البيوت قديمة وتحتاج إلى إعادة ترميم مرة أخرى".
وفيما يتعلق بالظروف المعيشية لأهل القرية، أضافت: "المواد التموينية نشتريها من القرى المجاورة، ففي قريتنا لا يوجد أي محل تجاري، وهذا يعني أن شراء أي سلعة يضطرنا للخروج عبر المعبر".
وواصلت: "هذا غير الاعتداءات على الأهالي من قبل المستوطنين، كما أنه يوجد يهودي يعيش معنا في نفس القرية، ويوجد قاعة أفراح خاصة بالحفلات وأعياد الميلاد ومناسبات المستوطنين، كما أنه عند إقامة أي حفلة نمنع من الاقتراب من هذا المكان، غير الهدم الذي نتعرض له".
في "النبي صموئيل" لا تتوفر بنية تحتية ولا صرف صحي، إضافة إلى عدم وجود سيارات لنقل النفايات، ويعاني السكان بشكل كبير من هذا النقص، ولا توجد جهة رسمية يمكنهم التواصل معها لحل مشاكلهم.
حتى مسجد القرية لم يسلم من اعتداءات الاحتلال، إذ خصص جزءا منها ليكون كنيسًا لليهود.
المناسبات والأفراح
"القرية عبارة عن جنة في هوائها النقي، وطبيعتها الخلابة، والأشجار التي تحيط بها من جميع الجهات"، هكذا تصفها بركات، مبينة: "تقع على قمة جبل، ومنها ترى كل القرى المجاورة، وقد استغلها الاحتلال ليجعلها محمية طبيعية لبعض أنواع الحيوانات".
قالت عن أهل المنطقة إنهم متكاتفون بشكل كبير، خاصة في المناسبات، وفي حال وجود أي شجار مع المستوطنين، يجتمع السكان على قلب رجل واحد.
وعن المناسبات، أضافت: "نقيم أفراحنا خارج القرية، ليتمكن من حضورها معارفنا من خارج القرية، إذ لا يمكنهم الدخول لها، وكذلك لا يوجد مكان خاص لإقامة الحفلات".
كان أهالي القرية قديما يحيون المناسبات الوطنية، كيوم الاستقلال والأرض، ويزرعون الأشتال، ولكن الاحتلال كان يصادر جميع الأدوات والأشتال التي يستخدمونها، لذا اكتفى السكان بالاحتفال بشكل بسيط.
جمعية النبي صموئيل
نتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها سكان القرية، أنشأت بركات، بمشاركة عدد من النساء، جمعية خاصة جمعت فيها ما يزيد على 50 امرأة.
وعن هذه الجمعية، قالت: "حاولنا من خلالها جلب الدعم للقرية، لتحسين الأوضاع المعيشية وعمل مشاريع تثبت وجود الأهالي في هذا المكان، وتمكنّا من إيصال معاناة القرية إعلاميًا".
وأضافت: "من خلال دعم بعض المؤسسات الدولية، تمكنا من إقامة حديقة صغيرة للأطفال، وإنارة الشوارع، وترميم الآبار، وكل عائلة في القرية استفادت من المشاريع التي ننظمها".
ولفتت إلى أن الإغاثة الطبية أنشأت مركزًا صحيّا، لكنه يُفتح مرة واحدة أسبوعيا، ولمدة ساعتين فقط.
وتحدّثت بركات عن محاولات التواصل مع الحكومة الفلسطينية لتحسين أوضاع القرية، قائلة: "الحكومة لا تستطيع الوصول إلينا، ولا تقديم الخدمات اللازمة للسكان، وفي الوقت ذاته نحن لسنا تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي، أي أننا منطقة منسية".
وأضافت: "تحدثنا مع أكثر من مسئول عن الصعوبات التي تواجهها القرية، ولكن لم يساعدنا أحد لنثبت في وجه محاولات الاحتلال المتكررة لتهجيرنا".