قائمة الموقع

الأمطار تكشف حقيقة البنية التحتية في غزة

2017-11-28T07:39:05+02:00

"غزة تغرق في شبر مي" ربما هذه العبارة الأقرب لوصف حال المدينة الساحلية ومعاناتها، مع بداية دخول فصل الشتاء، إثر غرق العديد من المناطق وشوارع ومنازل المواطنين.

حجم المعاناة والمأساة التي خلفها هطول الأمطار خلال سويعات قليلة، ينذر باستقبال شؤم لفصل تحوّل لنقمة على الآلاف من الأسر والمناطق "المتهتكة" في قطاع غزة، بفعل غياب بنية تحتية مهيأة لاستقبال الأمطار.

منطقة حي "الزيتون" الواقعة جنوب مدينة غزة، كانت إحدى المناطق التي تضررت بفعل كميات الأمطار التي هطلت في غضون ساعة فقط، حيث ارتفع منسوب المياه لمستويات عالية على غير المعتاد.

يروي المواطن عدلي النديم أحد سكان منطقة الزيتون، وتحديدا ما يُعرف بشارع النديم ما حدث أول من أمس خلال هطول الأمطار، أن منسوب المياه في الشارع ارتفع بصورة وصفها بـ "المُذهلة" حيث وصل حوالي 30 سم فوق سطح الأرض.

ويوضح النديم لصحيفة "فلسطين"، أن السبب الرئيس لارتفاع منسوب المياه، هو انسداد "مصارف" المياه الخاصة في لحظة هطول الأمطار، مشيراً إلى أنه ألحق أضراراً بعدد من البيوت "المنخفضة" نسبياً، إثر دخول المياه لها.

ويلفت في الوقت ذاته إلى أنها أدت إلى تعطيل حركة السيارات، فيما غرق عدد منها أيضاً في ذات المنطقة، منوهاً إلى أن انقطاع التيار الكهربائي، أدى إلى عرقلة عمل سكان الشارع الذين اضطروا لـ "تسليك" المصافي.

اضطر السكان للاتصال بالبلدية لمساعدتهم بتخفيف المياه المرتفعة، لكنها "تأخرت في الوصول للمكان" وفق ما يروي النديم، وهو ما دفع السكان لفتح مصافي المياه وتسليكها، في ظل انقطاع الكهرباء "التي أعاقت تحركاتهم.

منطقة أخرى كان لها نصيب الأسد من المعاناة، هي "حي الدرج" وتحديداً في شارع يافا، حيث يتحدث المواطن توفيق محمود أحد سكانه عن قسوة ما شاهده لحظة هطول الأمطار في أقل من ساعة.

يقول محمود لصحيفة "فلسطين"، إن ارتفاع منسوب مياه الأمطار وصل قرابة المتر في منطقة سكناه، وهو ما وصفه بـ "المشهد الصادم"، مشيراً إلى غرق بعض المحلات التجارية والسيارات.

ويوضح أن المياه ظلت موجودة حتى الصباح، وهو ما أجبر السائقين على ارتياد طرق التفافية للوصول إلى مكان عملهم.

"فلسطين" تواصلت مع بلدية غزة كونها الجهة الأولى التي تتابع هذه المسألة، وهنا برر مدير عام المياه والصرف الصحي ماهر سالم، أن السبب الرئيس لغرق بعض المنازل والشوارع هو هطول كميات كبيرة من الأمطار تُقدر بحوالي بـ 35 مليمتر.

وأوضح سالم أن هذه الكميات تفوق قدرات شبكات الصرف الصحي الموجودة في القطاع، مشيراً إلى أنها تهطل عادة في غضون يومين أو أكثر.

أما السبب الثاني، وفق سالم، فيعود لعدم ثقافة المواطنين بضرورة وضع أكياس النايلون والقمامة في أماكنها المخصصة، لافتاً إلى أن هذه القمامة تتسبب بانسداد المصارف، وهو ما يعرقل عملها في تصريف مياه الأمطار.

وأشار إلى أن بلديته أجرت عمليات تنظيف لكل مصارف المياه في القطاع قبل دخول الشتاء، "لكن بعد فحصها قبل يومين تبين أنها مغلقة بفعل القمامة"، وفق قوله.

ولفت إلى أن طواقم البلدية ستعقد اجتماعاً لمناقشة ما جرى خلال هطول الامطار، تفادياً لحدوثه مرة أخرى في الأيام المقبلة.

وفيما يتعلق بالحلول، أوضح سالم، أن الحلول لديها موجودة لكنها مكلفة جداً، لافتاً إلى وجود قرابة 4 آلاف "مصرف مياه" في القطاع، وتحتاج إلى عدد كبير من الموظفين "وهو أمر خيالي يفوق قدرات البلدية".

وأهاب سالم، بالمواطنين، بضرورة مساعدة المواطنين لطواقم البلدية، من خلال عدم القاء القاذورات والقمامة على مصارف المياه، داعياً إلى وجود برامج توعية لهم عبر وسائل الإعلام.

وفيما يتعلق باستعدادات البلدية لاستقبال فصل الشتاء، ذكر مدير عام المياه والصرف الصحي، أن لديها استعدادات "أفضل" من الأعوام السابقة، مشيراً إلى أن موظفيها منتشرون في كل أنحاء المدينة لمتابعة هطول الأمطار.

من جانبه، قال جهاز الدفاع المدني في غزة، إنه تعامل مع عددٍ من الحوادث التي نجمت عن تأثير المنخفض الجوي الذي شهدته الأجواء الفلسطينية أول من أمس، وساعدت في إخلاء المواطنين الذين علقوا في منازلهم بعد أن غمرتها مياه الأمطار.

وذكر تقرير صادر عن الدفاع المدني، أن فرق الإنقاذ ساعدت سكان بعض المنازل التي غمرتها المياه وتركزت في مدينة غزة، بينما خلت محافظات القطاع الأخرى من أي حوادث بسبب المنخفض.

وبحسب التقرير، فإن فرق الإنقاذ عملت على شفط وإزالة مياه الأمطار من ثلاثة منازل ومنجرة للأخشاب في منطقة التفاح، بالإضافة لإزالة جدار منزل انهار بالقرب من مسجد الهداية بمنطقة تل الهوا جنوب غرب مدينة غزة، أسفر عن إصابة أحد المواطنين.

وذكر أن فرق الإنقاذ سحبت أربع سيارات علقت في تجمعات لمياه الأمطار بمنطقة الزيتون والكرامة، بالإضافة إلى إنقاذ مواطنين اثنين حوصرا داخل نادي الزيتون بسبب مياه الأمطار.

كما وأزالت فرق الإنقاذ المخلفات الترابية التي تراكمت في ممرات كل من مدرسة شهداء الزيتون وصفد والحرية لتأمين سلامة عودة الطلبة إلى مدارسهم.

في هذا السياق، جددت وحدة الإعلام تحذيرها للمواطنين والمارة في الشوارع بعدم السير بجوار الأعمدة والتمديدات الكهربائية عند هطول الأمطار ومحاولة المكوث في المنازل في حال عدم وجود ضرورة للخروج.

كما أهابت بالسائقين بتقنين السير والتجول في الشوارع عند غزارة الأمطار وخاصة أوقات الليل، والخروج للضرورة، والابتعاد عن تجمعات المياه.

من جهته، دعا مركز الميزان لحقوق الإنسان، الأطراف الفلسطينية، إلى الإسراع في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وأن تباشر الحكومة معالجة أزمات ومشاكل القطاع بشكل عاجل وفوري، ومنها وضع الخطط والآليات لمواجهة مشكلة تجمع مياه الأمطار خاصة مع بداية فصل الشتاء.

وطالب المركز في بيان أصدره، أمس، البلديات وجهاز الدفاع المدني وبالتعاون مع سلطة المياه، بضرورة اتخاذ استباقية فعالة تحول دون تكرار المشكلة.

اخبار ذات صلة