بعد الخطوات التي بادرت بها حركة حماس بغزة, تجاه المصالحة والتي لاقت دعما وترحيبا من كافة الفصائل والأطراف الإقليمية, ظهر مصطلح جديد لم يرد في اتفاقات المصالحة, وهو التمكين للحكومة في عملها بغزة، وبعد أن أعلنت الحكومة استلام مهامها, وبدأ بعض الوزراء في التمكين, خرج مفهوم آخر وهو التمكين الفعلي ثم التمكين الكامل وهكذا.
الحقيقة أن ذلك جاء وفق تقديرات محمود عباس ووفق ما تسرب من اجتماعات اللجنة المركزية والتنفيذية, بأن حماس مضطرة لهذه المصالحة وهو لن يلتزم بها، ولكن للخروج من الحرج الجماهيري وعدم إفشال الجهد المصري, تجاوب وفق خطة وضعت لذلك, تقوم على إفشال المصالحة لكن من بوابة حماس.
التصريحات المتتابعة لقيادات حركة فتح الاستفزازية ضد الفصائل الوطنية, كما حدث في لقاءات القاهرة, ثم التي خرجت للإعلام تهدف للفت الأنظار عن المصالة الفلسطينية, وترغب بالعودة لمربع المناكفات القديم، وهو ما يفسر حمى التصريحات على مدار اليومين الماضيين، ولم يسلم منها أحد في الفصائل أو مصر الراعية للمصالحة، أو المعارضين داخل فتح.
الكثير هو المطلوب من حكومة الحمد الله تجاه غزة، ولم يعد من المقبول الصمت تجاه تقصيرها في عملها والقيام بدورها، والجميع يشهد على ذلك، فلا فتحت المعابر ولا وفرت الأدوية, ولم تعد الكهرباء, ولم توقف قرار التقاعد للموظفين ولم تستكمل رواتب موظفيها في غزة.
وقد يسأل البعض، وهل كل ذلك مطلوب من الحكومة خلال أيام، نجيب أن الحكومة التي استلمت المعابر في اجتماع واحد, أصرت فيه على استلام المعابر دون وجود أي موظف من غزة، وتم لها ذلك، أليس جدير بها أن تعلن بعد شهر من ذلك أنها قادرة على فتح معبر رفح وإدارته، والإعلان عن الآليات المرتبطة بذلك.
الإجابة لحكومة الموت التي يقودها الحمد الله الذي تخلى عن غزة في ساعات العسرة, حينما تركها تنزف 51 يومًا دون أن ترمش له عين، اليوم يسير على نفس الطريق ويواصل مسيرة الآلام من الحصار والتجويع والخنق، لكن هذه المرة برعاية المصالحة التي يرى في حماس مجرد حركة مستسلمة خاضعة لها، مستغلا التوجه العام لها نحو المصالحة، بسبب صعوبات عدة جماهيريًا وداخليًا.
اللعب على المكشوف هو الأكثر وضوحًا بعد تصريحات قيادات حركة فتح والسلطة وخلط الأوراق والتملص من المسؤوليات واستدعاء الاحتلال في المعابر, وكذلك استخدامه أداة ضغط في مواجهة الفصائل الفلسطينية، ولعل ذلك ما يدعو لحالة التوحد غير المسبوقة بين الفصائل الفلسطينية في مواجهة فتح التي تمر بحالة من الإرباك والتهور وانكشاف الأوراق, والتي قد نرى انكشاف بعضها في قابل الأيام، وخاصة بعد زيادة الحديث عن سلاح المقاومة, وهو الملف الذي يوحد كل الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والسلطة وكل من يحاول المس به، باعتباره رمز الكرامة الوطنية.