منذ أن ضمت دولة العدو القدس إليها وهي تحاول مع الإدارات الأميركية الاعتراف بالمدينة موحدة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس. كل الإدارات الأميركية تحفظت على المطالب الإسرائيلية بما فيها إدارة أوباما، التي تودع البيت الأبيض خلال شهر تقريبا.
في فترة الشهر هذه تنشط الدعاية الصهيونية في أميركا وغيرها للإفادة من الزخم الذي أوجده وعد ترامب في حملته الانتخابية بنقل سفارة بلاده إلى القدس. دولة العدو لا تريد أن تترك هذا الموضوع لأشهر قادمة خشية أن يخضع لرؤية المستشارين وتحليلاتهم، لذا هي تبادر بالضغط على ترامب باتخاذ قرار النقل بشكل سريع فور تسلمه إدارة البيت الأبيض.
ومن أبواب الضغط وتسهيل الأمر ما تزعمه دولة العدو مخاطبة الإدارة الأميركية قائلة : إن القنصلية الأميركية في القدس تصلح لأن تكون سفارة لأميركا حيث تتوفر فيها كل المواصفات اللازمة للسفارة، ويكفي فقط تغيير اليافطة والاسم، وهو قول يريد أن يتغلب في الرؤية الإسرائيلية على فكرة التأجيل والتفكير.
ما من شك أن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يعد عدوانا صريحا للإدارة الاميركية على الحقوق الفلسطينية في القدس، وأنه يفتح بابا لتداعيات أخرى، ومنها الاعتراف بالقدس موحدة، والتأثير على دول أخرى بنقل سفاراتها إلى القدس.
إنه أمام هذه القضية الخطيرة لا تكاد تجد دورا كبيرا للسلطة الفلسطينية، ولا لجامعة الدول العربية لمواجهة هذا العمل قبل وقوعه ومنعه بكل السبل الممكنة؟! يمكن للسلطة أن تدعو الجامعة العربية لاجتماع عاجل من أجل دراسة الموضوع وتحذير ترامب وإدارته تحذيرا واضحا باسم الدول العربية مجتمعة.
من عادة السلطة والعرب التحرك متأخرين بعد التنفيذ حيث لا يبقى أمامهم غير الشجب والتنديد، لذا يجدر بالسلطة أن تدرك حجم الخطر المتولد عن نقل السفارة وأن تبادر إلى فعل يرد إلى عمل ترامب قبل وقوعه، خاصة وأن العديد من الجمهوريين والديمقراطيين يرفضون هذه الخطوة، التي تنسف السياسة الاميركية التقليدية تجاه المدينة المقدسة.
إن نقل السفارة إذا ما تمّ لا سمح الله سيفتح شهية دولة العدو أيضا لضم الجولان باعتراف من أميركا نفسها، لا سيما ونحن نعلم ما هي الأزمة السورية الحالية، وكيف يلعب الروس والمليشيات في هذا البلد العربي.
إن حالة التمزق التي تشهدها سوريا والعراق دفعت إسرائيل كاتس وزير المواصلات اليهودي لكي يطلب من حكومته باستغلال الفرصة والطلب من الإدارة الأميركية القادمة بالاعتراف بضم إسرائيل للجولان .
إن الحالة الفلسطينية مؤسفة، والحالة العربية أكثر من ذلك، ولكن هذا لا يمنع من إسماع صوت الجامعة العربية إلى ترامب وإدارته، ولا يمنع من إرسال وفد عربي إلى البيت الأبيض لتوضيح مخاطر نقل السفارة فلعل وعسى.