مع اشتداد وطأة الحياة في مدينة القدس المحتلة وتصاعد هجمة الاحتلال الإسرائيلي ضدها لسلب أراضيها وتجريدها من هويتها، يلجأ المقدسيون إلى تحصين جبهتهم الداخلية وتعزيز قدرتهم على تحسين مستوى حياتهم، من خلال إطلاق سلسلة مبادرات مجتمعية ومشاريع وبلورة أفكار ريادية للنهوض بمدينتهم.
ومن هنا جاءت الحاجة لاستنفار الشباب المقدسي واستنهاض هممهم وشحذ عزائمهم للارتقاء بالمدينة، وحفظ تراثها وإبراز جماليتها، ما دفع فريق "بذرة خير" الشبابي إلى إطلاق مبادرة تطوعية للاهتمام بأحياء البلدة القديمة التي تعاني من إهمال بلدية الاحتلال.
خرج الفريق المؤلّف من ندى عابدين، وميسون سويلم، ونورة أبو غوش والشاب إسلام شاهين، بفكرة "العنصر الأخضر" القائمة على تزيين أحياء البلدة القديمة بالمزروعات وأشجار الزينة على جوانب طرقاتها.
وقال القائمون على المشروع إن فكرته انطلقت من تعليق لسائح بريطاني قام بجولة في البلدة القديمة، فلاحظ "تشوّه" الجدران بالدخان الأسود الناجم عن الحرائق والكتابات العشوائية، فضلاً عن تراكم النفايات أمام مداخل منازل بعض أحياء البلدة، وانعدام الإضاءة في شوارعها.
وأضافت الشابة المقدسية ندى عابدين، أن تطبيق المبادرة بدأ في حي “باب حطة” الذي دعم أهاليه فكرة الارتقاء بحيّهم والحفاظ على المزروعات التي قاموا بمساعدة أعضاء الفريق في نشرها في شوارع الحي.
وأوضحت أن هذه المبادرة هي جزء من مبادرة أوسع تُعرف باسم "فسحة أمل" أُطلقت بالتعاون بين جمعية “برج اللقلق” المجتمعية، ومؤسسة "الرؤيا" الفلسطينية، وتقوم على إعادة استخدام قارورات المياه البلاستيكية وإطارات المركبات بطرق إبداعية تخدم هدف إبراز جمالية أحياء البلدة القديمة في القدس.
وقالت عابدين "قمنا في حي باب حطة بإعادة تدوير المواد بأقلّ التكاليف، من قوارير بلاستيكية وإطارات وعلب الدهان الملونة، ثم اخترنا أنواع النباتات والأزهار الموسمية التي نودّ أن تكون موجودة في أزقّة الحي، وقمنا بوضعها داخل المواد المُعاد تدويرها".
لاقت هذه الخطوة، إعجاباً كبيراً من قبل أهالي حي “باب حطة”، حيث قام الفريق بتعليمهم كيف يُمكن الحفاظ على تلك القوارير الزراعية، وكيف يُمكن استبدالها في حال تعرّضت إحداها للتلف أو التخريب.
ويقول فريق “بذرة خير” المؤلف من خريجين جامعيين من تخصصي الهندسة المعمارية والـ "سوشال ميديا"، إنهم يتطلعون إلى الاستمرارية في عملهم ومواصلة تطبيق المشروع في بقية أحياء البلدة القديمة.
كما يطمحون إلى العمل على تمديد الكهرباء في أزقة البلدة القديمة والتي لا تُعيرها بلدية الاحتلال أي اهتمام، تزويد أحيائها بحاويات للنفايات في أكثر من نقطة، وتنظيف جدرانها وتزيينها، وإيلائها من الاهتمام ما يليق بعراقتها.