أكد خبير التراث الثقافي في مركز التراث الفلسطيني بمدينة بيت لحم، حمودة الدهدار، أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف المواقع الأثرية والتراثية في البلدة القديمة بمدينة غزة بشكل مقصود وممنهج، في إطار سعيه لطمس الهوية وذاكرة الشعب الفلسطيني.
وأشار الدهدار لصحيفة "فلسطين" إلى أن الحصر الأولي للأضرار التي لحقت بقطاع السياحة، الذي نفذته وزارة السياحة والآثار بتمويل من منظمة اليونسكو، بيّن أن الاحتلال دمّر قرابة 317 موقعًا أثريًا وتراثيًا في قطاع غزة، سواء بشكل جزئي أو كلي.
ولفت إلى أن النطاق الأوسع من الدمار تركز في البلدة القديمة بغزة، لكونها تضم أكبر عدد من المباني الأثرية، من بينها المسجد العمري الكبير، وحمام السمرة، وقصر الباشا، وقبة السعادة، وكنيسة برفيريوس، إلى جانب العديد من المواقع الأثرية المهمة.
وقال: "عملنا على حصر الأضرار التي طالت المواقع الأثرية خلال الفترة ما بين شهري مايو ونوفمبر من العام الماضي، في كتاب مكوّن من 600 صفحة، منشور حاليًا باللغة الإنجليزية على موقع الوزارة".
واستدرك بالقول: "إلا أن هذا الحصر ليس نهائيًا، إذ عاد الاحتلال لاحقًا لاستهداف مواقع أثرية أخرى، من بينها تدمير أحياء كاملة في حي الشجاعية، ومساجد مثل مسجد ابن عثمان و"الظفر دمري"، إضافة إلى المحكمة، وقصر السقا، وقصر حتحت، وحارة بسيسو، وعدد كبير من المباني الأثرية المهمة".
وأكد الدهدار أن الاستهداف الإسرائيلي للمواقع الأثرية كان مقصودًا وممنهجًا، مستدلًا على ذلك بما فعله الاحتلال في قصر الباشا، حيث قصفه بصورة مباشرة، ثم أقدم على تجريفه.
وأضاف: "يهدف الاحتلال من هذه الاستهدافات إلى طمس هوية وذاكرة الشعب الفلسطيني. ونحن حاليًا نعمل على حصر الأضرار بشكل نهائي، وقد حددنا جدول أولويات للتدخل العاجل من أجل إنقاذ المباني الأثرية المتضررة".
ونوّه إلى أنه جرى إنقاذ وترميم سوق القيسارية، المعروف شعبيًا بسوق الذهب، ومسجد المغربي، وقبة السعادة، وجامع عثمان قشقار، مشيرًا إلى أن العمل ما يزال جاريًا في المسجد العمري الكبير وقصر الباشا.
وتابع: "نعمل حاليًا، بالتعاون مع منظمة اليونسكو، على ترميم مبانٍ أثرية في مستشفى المعمداني، وحمام السمرة، وقصر موريس شحيبر، وبيت العلمي، ومسجد الشيخ زكريا، ضمن مشروع إنقاذ طارئ يستمر لمدة شهرين، فيما تعمل عدة مؤسسات معنية بالتراث على مشروع إنقاذ مماثل للمسجد العمري".
وأوضح الدهدار أن مشاريع الإنقاذ الطارئة للآثار تواجه عدة معوّقات، أبرزها استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وخطورة مواقع الآثار لقربها من أماكن تمركز جيش الاحتلال، إضافة إلى استمرار إغلاق المعابر، وندرة المواد الخاصة بأعمال التنقيب والاستخراج والحماية، وارتفاع أسعار مواد ومعدات البناء.
وبيّن ضرورة وصول وفود دولية للاطلاع على جرائم الاحتلال بحق المواقع الأثرية، في مخالفة واضحة للقانون الدولي، إذ تنص الاتفاقيات الدولية على حماية المباني الأثرية أثناء النزاعات المسلحة، إلا أن إسرائيل عملت، بدلًا من ذلك، على تدميرها بشكل متعمد.