قائمة الموقع

قراءة في الأبعاد الاقتصادية لاعتراف الاحتلال بصوماليلاند

2025-12-30T15:17:00+02:00
صورة تعبيرية
فلسطين أون لاين

خلص خبراء ومحللون إلى أن الاعتراف الإسرائيلي بصوماليلاند يمثل خطوة اقتصادية بغطاء سياسي، تهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ في البحر الأحمر، ضمن سياق أوسع لإعادة تشكيل التوازنات الاقتصادية والأمنية في منطقة القرن الإفريقي، حيث تتقاطع المصالح التجارية العالمية مع الصراعات الإقليمية المتصاعدة.

وبينما تحقق سلطات الاحتلال مكاسب استراتيجية وتجارية بعيدة المدى، تسعى صوماليلاند إلى تثبيت حضورها الدولي وكسر عزلتها السياسية، في حين يُعد اليمن أحد أكثر الأطراف عرضة للتأثر بتداعيات هذا التحول، نظراً لموقعه الجغرافي الحساس ووضعه الاقتصادي الهش.

وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت اعترافها رسمياً بإقليم أرض الصومال (صوماليلاند) كدولة مستقلة ذات سيادة، عاصمتها هرغيسا، لتصبح بذلك أول دولة عضو في الأمم المتحدة تتخذ هذا القرار.

ويؤكد الخبير الاقتصادي خالد أبو عامر أن المكسب الأهم للاحتلال لا يكمن في الإقليم ذاته بقدر ما يتمثل في الجغرافيا الاقتصادية لصوماليلاند؛ فموقعها المطل على خليج عدن، والقريب من مضيق باب المندب، يمنح الاحتلال – في حال بناء شراكة سياسية واقتصادية – قدرة غير مباشرة على التأثير في أحد أخطر شرايين التجارة العالمية.

ويقدّر أبو عامر أن الاحتلال ينظر إلى صوماليلاند بوصفها حلقة مكمّلة لاستراتيجيته في البحر الأحمر، إذ يسعى إلى تأمين طرق التجارة البحرية المرتبطة به، وتعزيز نفوذه اللوجستي في مواجهة خصومه الإقليميين. ويضيف أن هذا النفوذ، حتى وإن لم يكن عسكرياً مباشراً، ينعكس اقتصادياً من خلال خفض تكاليف النقل والتأمين، وفتح آفاق استثمارية واسعة في مجالات الموانئ والخدمات البحرية واللوجستية.

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سمير الدقران أن الاحتلال يسعى منذ سنوات إلى تنويع أدوات السيطرة على طرق التجارة الدولية، ليس عبر الهيمنة المباشرة، بل من خلال بناء شبكة علاقات مع كيانات تطل على الممرات البحرية الحساسة. ويشير إلى أن الاعتراف بصوماليلاند قد يتيح للاحتلال، الوصول إلى موانئ استراتيجية، أبرزها ميناء بربرة، ولعب دور مؤثر في إدارة أو تأمين خطوط الإمداد، وامتلاك ورقة ضغط اقتصادية في حال اندلاع أي توتر مستقبلي في البحر الأحمر.

ويؤكد الدقران أن هذه الخطوة تحمل بعداً اقتصادياً واضحاً، إذ إن التحكم النسبي في طرق التجارة يعني التأثير في أسعار الشحن، وتوقيت الإمدادات، وأمن الطاقة العالمية.

ويتفق أبو عامر والدقران على أن اليمن سيكون من أكثر الأطراف تأثراً – بشكل غير مباشر – من هذا التقارب، إذ يُنظر إلى وجود نفوذ إسرائيلي محتمل في الضفة المقابلة للسواحل اليمنية كعامل ضغط استراتيجي جديد. ويرى أبو عامر أن هذا الواقع قد يحدّ من هامش المناورة اليمنية في البحر الأحمر، ويزيد من هشاشة الاقتصاد اليمني المعتمد بشكل كبير على الموانئ، ويفتح الباب أمام تدويل أوسع لأمن الملاحة البحرية.

في المقابل، يضيف الدقران أن عسكرة الاقتصاد البحري في المنطقة ستنعكس سلباً على الدول الأضعف اقتصادياً، وفي مقدمتها اليمن، من خلال ارتفاع تكاليف الاستيراد وتراجع الاستقرار التجاري.

ماذا تستفيد صوماليلاند؟

يرى الدقران أن صوماليلاند تُعد الطرف الأكثر بحثاً عن مكاسب آنية، وعلى رأسها كسر العزلة السياسية والاقتصادية. فالاعتراف الإسرائيلي، حتى لو كان رمزياً، يمنح الإقليم زخماً سياسياً قد يشجع أطرافاً دولية أخرى على الانفتاح عليه.

ويوضح أن صوماليلاند قد تستفيد من هذا التقارب عبر جذب استثمارات في الموانئ والبنية التحتية، ونقل التكنولوجيا، لا سيما في مجالي الزراعة والطاقة، وتعزيز دورها كمركز ترانزيت إقليمي لإثيوبيا وشرق إفريقيا.

مخاطر كامنة

في المقابل، يحذّر الدكتور خالد أبو عامر من أن المكاسب الاقتصادية المحتملة لصوماليلاند لا تخلو من مخاطر، أبرزها الانخراط في صراع محاور إقليمية، وتصاعد التوتر مع الحكومة الفيدرالية الصومالية، إضافة إلى الارتهان لشريك خارجي واحد، بما قد يضعف استقلال القرار الاقتصادي.

ويؤكد أن أي تنمية تقوم على اصطفاف سياسي حاد قد تكون قصيرة الأجل وعالية الكلفة.

وفي هذا السياق، يرى معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) أن التحالف مع صوماليلاند يمنح الاحتلال منصة استراتيجية لتنفيذ ثلاث مهام رئيسة: أولها الإنذار المبكر عبر نشر رادارات وأجهزة تنصت لرصد إطلاق الصواريخ والمسيّرات من اليمن باتجاه إيلات، وثانيها استخدام الأراضي أو المياه الإقليمية كنقطة انطلاق لعمليات خاصة ضد أهداف معادية، ولا سيما جماعة الحوثي، وثالثها منع تحوّل البحر الأحمر إلى «بحيرة إيرانية» من خلال قطع خطوط الإمداد البحرية المحتملة للحوثيين.

 

 

اخبار ذات صلة