في يوليو 2025، أغارت طائرات الاحتلال الإسرائيلي على شقة سكنية غرب مدينة غزة، وكان الهدف وقتها الطبيب مروان السلطان مدير المستشفى الإندونيسي، وهو أبرز الأطباء الفلسطينيين في القطاع، وأكثرهم اثرًا على حياة المرضى والجرحى خلال حرب الإبادة.
ضحايا هذه الغارة كانوا، زوجة الطبيب مروان، ذكرى نمر السلطان، 45 عامًا، وابنته لميس، 19 عامًا، وشقيقة الدكتور، آمنة عمر السلطان، 33 عامًا، والطفلة ملاك إياد السلطان، 15 عامًا، وعائشة عماد السلطان، 25 عامًا وشقيقها محمد، 28 عامًا، وأسماء جودي السلطان، 37 عامًا.
ويعد السلطان من أبرز الكفاءات الطبية الفلسطينية، حيث عمل اختصاصيًا في جراحة القلب، وتولى إدارة المستشفى الإندونيسي بعد أن اعتقلت قوات الاحتلال مديره السابق، الدكتور أحمد الكحلوت، خلال اقتحام المستشفى في نوفمبر 2023.
استمر السلطان في ممارسة عمله رغم تهديدات الاحتلال التي لم تتوقف، خاصة بعد إخراج معظم مستشفيات شمال غزة، بما فيها مجمع الشفاء الطبي، عن الخدمة بفعل القصف والتجريف والإغلاق.
إلى جانب السلطان، اغتال جيش الاحتلال الطبيب أشرف محمد أبو محسن وزوجته وأطفاله جراء قصف الاحتلال منزلهم في حي الصبرة جنوب مدينة غزة في سبتمبر 2025.
واستهدف جيش الاحتلال في يوليو 2025، استشاري جراحة عامة الطبيب أحمد قنديل في قصف عن مفترق السامر وسط قطاع غزة.
قنديل لديه سيرة ذاتية ثقيلة، حيث عمل مستشفى الشفاء، مطورًا مناهج الجراحة وأساليبها، قبل أن يصبح مدير أقسام الجراحة فيه، ثم استشاريًا في المستشفى المعمداني، مشاركًا بأبحاث نُشرت في مجلات طبية مرموقة، ومثل فلسطين في العديد من المؤتمرات الدولية، لينال عضوية الجمعيات الأوروبية للجراحة والطوارئ.
يؤكد محمد قنديل أحد أقرباء الشهيد، أن الطبيب أحمد كان خلال الحرب مستمر في عمله ومداوة أهالي قطاع غزة، ولم يترك المستشفيات للحظة واحدة.
يقول قنديل في حديثه لصحيفة "فلسطين": "جيش الاحتلال تعمد استهداف الطبيب أحمد وما حدث هو عملية اغتيال مكتملة الأركان بقصد التخلص من أمهر أطباء قطاع غزة قدرة الإمكان وترك أهالي قطاع غزة بدون معالجة".
وأوضح أن قريبه الطبيب أحمد معروف بأنه يجري عمليات معقدة وحساسة وينقذ الأرواح واغتياله مقصود لهذا السبب، خاصة أن الاحتلال اغتال مئات الأطباء داخل منازلهم وفي المستشفيات.
وفي أغسطس، استهدف جيش الاحتلال مجمع ناصر الطبي، وتحديدًا الطابق الخامس من مبنى الياسين، ما أدى إلى استشهاد الطبيب محمد الحبيبي داخل غرفة العمليات أثناء عمله.
حول ما حدث، يروى، أحمد الغول أن جيش الاحتلال استهدف في وقتها الطابق الأخير من مبنى الياسين، واستشهد على اثرها الصحفي حسام المصري بشكل فوري.
ويستذكر الغول في حديثه لصحيفة "فلسطين" ما حدث، ويقول: "الاحتلال في حينها ارتكب مجزرة مروعة، حيث استهدف الطابق الأخير، ثم انتظر قدوم الصحفيين ورجال الدفاع المدني ثم أطلق قذيفة أخرى".
ويضيف: "ما حصل في حينها مجزرة، وشاهدت رجال الإسعاف والمواطنين يخرجون الطبيب الحبيبي، وعاملين آخرين في غرفة العمليات وهو ملطخين بالدماء نتيجة سقوط القذيفة الثانية على نفس المكان.
استهداف المؤسسات
إلى جانب الكوادر البشرية لم تسلم المؤسسات الصحية من الاحتلال خلال 2025، حيث تعرضت العديد منها للحرق والدمار.
ففي مارس 2025 تعرض مستشفى ناصر لقصف استهدف الجناح الجراحي الداخلي، وأدى إلى وقوع شهداء وجرحى وأضرار جسيمة، وفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود MSF.
كذلك، خرج مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس عن الخدمة إثر قصف عنيف تعّض له في مايو 2025، بعد استهدف ساحة المستشفى ومحيطها بتسع قنابل ثقيلة مكثفة، ما أدى إلى التوقف عن تقديم الخدمات التخصصية الحيوية، بما في ذلك جراحة الأعصاب، وجراحة الصدر، ومركز القسطرة القلبية، وجراحة القلب والأوعية الدموية، وجراحة العيون، وهي خدمات لا تتوفر إلا في المستشفى الأوروبي.
أيضا، خرج مستشفى د. عبد العزيز الرنتيسي التخصصي للأطفال، ومستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، والمستشفى الجزائري التخصصي، ومستشفى الوفاء للتأهيل الطبي والجراحة التخصصية، ومستشفى الحياة التخصصي، ومستشفى الشهيد محمد الدرة للأطفال، ومستشفى الهلال الإماراتي، ومستشفى العودة – النصيرات، ومستشفى الكويت التخصصي، ومستشفى الكرامة التخصصي، ومجمع الصحابة الطبي، ومستشفى جمعية أصدقاء المريض الخيرية، ومستشفى الحلو الدولي، عن الخدمة.
وفي ذات السياق اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مائة من الكوادر الطبية في غزة وحولتهم الى أكثر من معتقل للتحقيق.
ويعد المساس بالقطاع الصحي والكوادر الطبية والصحية والمستشفيات من الأمور التي تتنافى كلياً مع كل القوانين والأعراف الدولية، وهي جرائم حرب مكتملة الأركان، وخروقات وانتهاكات صارخة للقانون الدولي الإنساني بِرُمته ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والبروتوكولين الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977)، واتفاقية لاهاي (1954) إذ تخالف دولة الاحتلال بشكل مريب اتفاقية جنيف الرابعة حول مسألة استهداف الطواقم الطبية، وقصف المشافي على رؤوس المرضى والمدنيين.