فلسطين أون لاين

​بعد قرار واشنطن عدم تجديد ترخيص مكتب منظمة التحرير بواشنطن

هل تستأنف السلطة مفاوضات التسوية مجددًا وتنسحب من "الجنائية"؟

...
رام الله / غزة - أحمد المصري

يثير قرار الإدارة الأمريكية عدم تجديد واعتماد أوراق عمل مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، في حال لم تَعُد السلطة إلى مسار مفاوضات التسوية مع حكومة الاحتلال، وتخليها عن مقاضاة (إسرائيل) دوليًّا، تساؤلات عن إمكانية رضوخ السلطة لهذا التهديد، والاستجابة لمطالب الإدارة الأمريكية.

وقالت الكاتبة السياسية نور عودة: إن قرار الإدارة الأمريكية ومن قبلها مطالب وزير الخارجية ريكس تيلرسون، التي هدد فيها منظمة التحرير الفلسطينية بإغلاق مقر بعثتها في واشنطن، ليست إلا مطالب إسرائيلية بلسان أمريكي، وتنم عن مدى دعم ومساندة الإدارة الأمريكية للاحتلال، ووقوفها إلى جانب مصالحه.

وأكدت عودة لـ"فلسطين" أن الإدارة الأمريكية الحالية لم تتقدم برؤية لإحياء عملية التسوية بين السلطة والاحتلال، لا ضبابية ولا واضحة"، متسائلة: "كيف تطلق تهديدها بإغلاق بعثة (م. ت. ف)؟!".

ولفتت إلى أن السلطة الفلسطينية لم تعلن قط أنها غير جاهزة للانخراط في عملية مفاوضات جديدة مع الاحتلال، وأنها لا ترفض من حيث المبدأ العودة إلى المفاوضات، وإن كان المسار استهلك على مدار 20 عامًا.

وذكرت عودة أن واشنطن "أوجدت المشكلة وغضبت منها"، وأن الواضح أن المشكلة لدى الاحتلال أكثر منها لدى السلطة، من حيث عدم جاهزيته، وعدم قبوله حتى ما يتعارف أنه خطوات "بناء الثقة" في مجال إعطاء الفلسطينيين حقوقهم.

وأكدت أن الإدارة الأمريكية الحالية وسابقاتها تمارس الضغوط على السلطة عندما لا تستطيع الضغط على حكومة الاحتلال, التي لا تخرج عن كونها فعليًّا حكومة يمينية متطرفة عنصرية لا تقبل حتى هوية الفلسطينيين.

وفيما يتعلق بطلب تيلرسون من السلطة وقف محاولة مقاضاة (إسرائيل) على جرائمها بحق الفلسطينيين أمام المحكمة الجنائية رأت المحللة السياسية أنه "طلب إسرائيلي خالص، وينتقص من منظومة العدالة".

وتابعت عودة: "المنظومة الدولية أوجدت المسار القانوني بطريقة حضارية لحل المشاكل، وضمان عدم الإفلات من العقاب والمساءلة لكل الدول أو الأشخاص فيما يخص الجرائم كالتي تخص كيان الاحتلال، فلماذا تبدو واشنطن قلقة من ذلك، وهو ما يفترض أن يكون مقلقًا للكيان؟!".

مواقف مرنة

وتوقع الكاتب المحلل السياسي هاني المصري أن تلجأ السلطة الفلسطينية إزاء اشتراطات واشنطن وتهديداتها إلى تقديم "مواقف مرنة، دون أن تصل إلى حالة من إغضاب الإدارة الأمريكية، لتجنب ردات فعلها التي ربما تفوق إمكانية تحمل السلطة".

وقال المصري لـ"فلسطين": "إنه ليس من السهل أن تستجيب السلطة لكل ما تريده الإدارة الأمريكية، فالمطلوب هو أكثر من استطاعتها وقدرتها وطاقتها لتمريرها على الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن واشنطن تريد تصفية القضية لا حلها.

وأضاف: "الإدارة الأمريكية الحالية أكثر انحيازًا إلى الكيان من سابقاتها، فمن يقود ملف المفاوضات هو فريق متصهين أكثر من الصهاينة أنفسهم، ومن غير المستبعد أن تظهر هذه التصريحات التي تخدم الاحتلال".

ورأى أن عودة السلطة إلى المفاوضات ليست أمرًا مستحيلًا، لتفادي أي إشكالية مع واشنطن، ولكن من دون القبول بالخطة الأمريكية لحل القضية، التي تبدو أنها تصب في مصلحة الاحتلال في المقام الأول والأخير.

ولفت المصري إلى أن ما تهدد به واشنطن من طريق تيلرسون يدعو السلطة لعدم الرهان على الإدارة الأمريكية، ووضع خطة وطنية تقوم على الوحدة والشراكة وبرنامج وطني، الأمر الذي سيفشل أي أفكار أو ضغوط غير منصفة للقضية.

إجراءات ماضية

بدوره أكد المستشار القانوني لمؤسسة الحق د. عصام عابدين أن ما تسوقه واشنطن من وجود قانون أمريكي ينص على إغلاق بعثة منظمة التحرير، إذا ما توجهت السلطة إلى المحكمة الجنائية الدولية؛ ليس إلا "ابتزازًا سياسيًّا".

وقال عابدين لـ"فلسطين": "إن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي يدركان جيدًا عواقب تقديم إحالات إلى المحكمة الدولية، وما يمكن أن ينتج عنه من مساءلة لقادة الاحتلال عن جرائم القتل العمد والاضطهاد والعدوان المتكرر على قطاع غزة".

وشدد على أن السلطة لا يمكن لها أن تنسحب من سياق ما قدمته إلى المحكمة الجنائية، قائلًا: "فالمحكمة ماضية في عملها، وتدقق في المعلومات التي تصل إليها، وفتحت تحقيقًا أوليًّا في الجرائم المحتملة التي اقترفها الاحتلال بحق الفلسطينيين".