قائمة الموقع

خبير لـ"فلسطين": "الخط الأصفر" يجعل غزة واحدة من المناطق الأعلى كثافة سكانية في العالم

2025-12-23T15:17:00+02:00
صورة للخط الأصفر
فلسطين أون لاين

أكد رئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية د. أحمد حلس أن حرب الإبادة الإسرائيلية تسببت بفقدان الأمن الغذائي لغزة التي يتكدس سكانها قسرا في مناطق نزوح محدودة جدا، ما فاقم مشكلات وقضايا أخرى كالتلوث البيئي واستنزاف الموارد بشكل مضاعف وغير مسبوق.

وأوضح حلس لصحيفة "فلسطين" أمس أن الدمار الإسرائيلي الشامل والسيطرة العسكرية الحالية على مناطق خلف "الخط الأصفر" تسببت في حشر السكان بمناطق نزوح محدودة (غرب غزة) وهذا ما يجعل غزة حاليا واحدة من المناطق "الأعلى كثافة سكانية في العالم".

واستدل بالنمو السكاني في غزة قبل حرب الإبادة الإسرائيلية الذي كان 2.5-3٪ بمعدل زيادة 70-80 ألف إنسان سنويا، حيث كان يحتشد أو يتجمع 6 آلاف شخص في كل 1 كم².

وحاليا، بعد فرض جيش الاحتلال "الخط الأصفر"، بحسب حلس، يحتشد نحو 12 ألف إنسان في 1 كم² بعد اقتطاع أكثر من 53% من مساحة القطاع، ومضاعفة الكثافة السكانية إلى أرقام مخيفة "وهذا يعني أعلى نسبة كثافة في العالم".

وأشار إلى أن الكثافة السكانية بلغت في بعض الأوقات ما بين 8,150 و10,000 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، فيما حاليا يعيش نحو 12 ألف شخص داخل مساحة محدودة تقارب كيلومترًا مربعًا واحدًا، في خيام مكتظة، دون أي فرصة للتوسع الأفقي أو الرأسي.

وبالتالي، بعد حشر السكان في مناطق سكانية محدودة (مدينة غزة، مخيمات الوسط، مواصي خان يونس) أدى ذلك إلى ضغط هائل أضعاف مضاعفة على البيئة ومكوناتها، ولا سيما أهم محورين: استنزاف الموارد المحلية، وضخ التلوث (بصمة بيئية) بكل أشكاله أضعاف ما قبل حرب 2023.

ونبه إلى أن الكميات الهائلة من التلوث التي تسببت بها حرب الإبادة الجماعية لا تستطيع بيئة غزة استيعابها سواء: تلوث التربة، المياه الجوفية، الهواء، الشاطئ وكذلك المكونات الأخرى الحية وغير الحية.

وتطرق إلى أهمية المساحة الجغرافية الواقعة خلف "الخط الأصفر" التي تشكل السلة الغذائية والتنوع الحيوي لغزة.

و"الخط الأصفر" أقامه جيش الاحتلال بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين أول الماضي وهو عبارة عن كتل اسمنتية صفراء تعلوها لافتات تحذر المواطنين من الاقتراب منه أو العودة للبلدات والأحياء السكنية التي تقع خلفها والتي تمتد على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية لقطاع غزة.

وبتقديراته فإن حرمان الاحتلال غزة من هذه المساحات سيجعل سكان القطاع دون اكتفاء ذاتي ولا أمن غذائي ولا تنوع حيوي إلى جانب ضياع أهمية تلك المناطق السكنية في تخفيف الازدحام والضغط السكاني، وبالتالي تقليل حدة الضغط والكثافة والنتائج الاجتماعية والبيئية المترتبة على ذلك.

وتقدر تلك المساحة التي اقتطعها "الخط الأصفر" بأكثر من 53% من المساحة الإجمالية، ويحرم جميع سكان تلك المناطق من العودة، ويقدر عددهم بنحو مليون مواطن يعيشون حياة النزوح قسرا في المناطق السكنية او المخيمات العشوائية الواقعة خلف ذاك الخط الذي قسم القطاع إلى نصفين.

وبحسب معطيات حكومية يقتطع "الخط الأصفر" مساحات جديدة خلال عمليات برية لجيش الاحتلال بين الحين والآخر، ويسيطر كليا على مدينة رفح والبلدات الواقعة شرق خان يونس، وأطراف وسط القطاع، كما يقتطع أحياء الشجاعية والتفاح وجزء كبير من حي الزيتون إلى جانب بلدات شمال القطاع وأجزاء أخرى.

وأشار الخبير في قضايا البيئة والتنمية إلى مرافق حيوية للبنية التحتية دمرها الاحتلال شرق غزة كمحطات معالجة الصرف الصحي (شرق خان يونس، شرق البريج، شرق الشجاعية، شرق جباليا) وبالتالي تدمير البنية التحتية والتربة والبيئة البحرية.  

وحذر من خطورة فقدان غزة لخزانها الجوفي (شرق غزة) الذي يتغذى على مياه الأمطار – وإن حرمان الاحتلال استهلال سكان غزة للمياه الجوفية شرقا – سيدفع النازحين قسرا للضغط على الخزان الجوفي غرب غزة الذي تملحت مياهه نتيجة دخول مياه البحر وتلوثه بمياه الصرف الصحي، إضافة إلى خسارة كافة الأراضي الزراعية الخصبة الشرقية والشمالية والجنوبية للقطاع والتي كانت تعتبر ركيزة مهمة من ركائز الأمن القومي الزراعي وسلة القطاع الغذائية.

وخلص حلس إلى أن الوقائع الميدانية التي فرضتها حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية تنذر بكوارث إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة 2.3 مليون إنسان في غزة.

وبدعم أوروبي وأمريكي ارتكب جيش الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة، شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر عدة لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت حرب الإبادة الجماعية أكثر من 239 ألف شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين والمشردين ومجاعة لم يعرفها التاريخ من ذي قبل أزهقت أرواح كثيرين معظمهم من الأطفال والمرضى، فضلا عن الدمار الشامل الذي أزال مدنا بأكملها عن الخريطة.

ويضاف إلى تلك النتائج المباشرة والملموسة للحرب تبعات ونتائج كارثية أخرى لا تقل خطورة في الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وحتى الوطنية التي لحقت بالسكان بسبب الحرب والتي ستمتد تأثيراتها الكارثية العميقة والمعقدة لسنوات.

 

اخبار ذات صلة