ترأس بطريرك اللاتين في القدس بييرباتيستا بيتسابالا، صباح الأحد، قداس عيد الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة شرقي مدينة غزة، إيذانًا ببدء احتفالات العيد التي تقرر هذا العام أن تقتصر على الصلوات والطقوس الدينية فقط، في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يعيشها القطاع.
وكان بيتسابالا قد وصل إلى غزة، السبت، برفقة وفد كنسي صغير، في زيارة ميلادية سنوية تهدف إلى الاطلاع على أوضاع المسيحيين في القطاع وتفقد الرعية، وذلك بعد عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية، بحسب بيان صادر عن البطريركية اللاتينية في القدس.
وشارك في القداس عشرات المسيحيين الكاثوليك من أتباع طائفة اللاتين، التي تتبع التقويم الغربي، بالتزامن مع اقتراب موعد عيد الميلاد الذي يحل منتصف ليل 24–25 ديسمبر/كانون الأول.
وخلال وجوده في القطاع، وجّه بيتسابالا رسالة صمود وتمسك بالبقاء من قلب غزة، مؤكدًا رفض الرحيل رغم حجم الدمار، وقال: "لن ننسى ما حدث، لكننا ننظر إلى الأمام. سنعيد إعمار بيوتنا ومدارسنا، وسنبني من جديد حياتنا. نحن من هنا، وسنبقى هنا. وفي هذا البحر من الدمار، نسعى لأن نكون مثالًا للجميع على معنى البناء من جديد".
وأضاف: "للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، أشعر بشيء من الراحة وأنا بينكم هنا"، مشيرًا إلى قسوة الواقع الذي يعيشه السكان، لا سيما الأطفال، ومؤكدًا أن استمرار التعليم والأنشطة رغم كل شيء يعكس قوة الإرادة، وقال: "أعرف أن الوضع صعب، وألمسه في حياة الأطفال، وفي المدرسة، وفي الأنشطة التي ما زالت مستمرة رغم كل شيء، لكن حتى في هذا الظلام تبقى شعلة أمل حاضرة".
وأكد بطريرك اللاتين أن غزة ليست وحدها، مشددًا على أن "الكنائس والمؤسسات والمسيحيين في مختلف أنحاء العالم متحدون مع أهلها"، ومخاطبًا الأهالي بالقول: "لقد أظهرتم خلال الحرب، وأكثر وضوحًا اليوم، ماذا يعني أن يبقى الإنسان قويًا في إيمانه. قدمتم شهادة حية على الصمود والإيمان والرجاء وصلت إلى العالم كله".
وخلال العدوان، تعرضت ثلاث كنائس رئيسية في قطاع غزة لاستهدافات إسرائيلية متكررة، رغم أنها كانت تؤوي عشرات العائلات المسيحية النازحة.
وأكدت البطريركية اللاتينية أن الزيارة تمثل "بداية احتفالات عيد الميلاد في مجتمع عاش ولا يزال يعيش أوقاتًا عصيبة"، مشيرة إلى أن البطريرك سيطلع على الجهود الإنسانية والإغاثية ومبادرات إعادة التأهيل الجارية، إضافة إلى بحث الاحتياجات والتطلعات المستقبلية للرعية.
ويُقدَّر عدد المسيحيين في قطاع غزة، قبل اندلاع الحرب، بنحو ألف شخص من أصل 2.4 مليون نسمة. ومع الدمار الواسع الذي طال المنازل، تواصل الكنائس احتضان عائلات مسيحية فقدت مساكنها، وتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة لها، في محاولة للتخفيف من وطأة المأساة المستمرة.