قائمة الموقع

المخدرات كسلاح احتلال: تفكيك الحرب المجتمعية على الجبهة الداخلية الفلسطينية

2025-12-21T11:10:00+02:00
قوات الاحتلال تستخدم طرقا وأساليب متنوعة لتهريب المخدرات إلى قطاع غزة
فلسطين أون لاين

أثار تقريرٌ اخباريٌ لقناة الجزيرة مباشر لمطاردة جهاز مكافحة المخدرات لشحنة مخدرة في المنطقة الوسطى خلال الأسبوع المنصرم، أسلوبًا من أساليب الحرب المجتمعية التي ينتهجها الاحتلال "الاسرائيلي" منذ بداية احتلاله لقطاع غزة والضفة الغربية خلال حرب حزيران/يونيو 1967، حيث يستهدف الاحتلال المجتمع الفلسطيني استهدافًا مباشرًا بواسطة سلاح المخدرات لحرف بوصلة الشباب الفلسطيني الذين يعتبرون خط الدفاع الأول عن الشعب الفلسطيني.

فقد أغرق الاحتلال المجتمع الفلسطيني بالمخدرات خلال فترة ما بين حرب 1967 وانتفاضة الحجارة 1987، ليضل الشباب عن فكرة تحرير فلسطين، ويبقيهم في حالة انحراف دائم مسيطر عليه من قبل ما يعرف حينها بـ "الكابتن الاسرائيلي"، الذي كان بمثابة ضابط المخابرات المعني بمنطقة معينة، وهو الأسلوب الذي ما زال ينتهجه في الضفة الغربية، ويستخدمه في قطاع غزة وفق تقسيمة المربعات الجغرافية الخاصة بالقطاع لدى جهاز المخابرات "الاسرائيلية"، حيث يبتز "الكابتن" الشباب المتورطين بالمخدرات ابتزازًا بكافة الأشكال وعلى كل الصعد، ليكونوا بمثابة متخابرين بشكل مباشر أو غير مباشر، الأمر الذي يسهم في استتباب الأمن في الضفة والقطاع بالنسبة له، ويجعل الشعب الفلسطيني في حالة من التيه الحقيقي.

وقد تنبهت الحركات المقاومة لذلك الأسلوب في وقتٍ مبكرة، حيث كان مروجي المخدرات ومتعاطوها أحد أهداف جهاز مجد الأمني المؤسس بواسطة القائدين الفلسطينيين يحيى السنوار وروحي مشتهى -رحمهما الله- وبعض القيادات الاسلامية الأخرى، حتى وصل الأمر بذلك الجهاز لقتل بعض المروجين والمتعاطين، لنشر حالة من الردع لهم، وإفشال مخططات الاحتلال الرامية لإفساد المجتمع الفلسطيني، وقد لاقت أساليب المحاربة تأثيرًا واسعًا حتى ظهر ذلك في انتفاضة الحجارة عام 1987، والتي يسميها البعض انتفاضة المساجد، لما للأخيرة من أثرٍ مباشرٍ في إشعالها.

كما عملت السلطة الفلسطينية بعد قدومها في العام 1994 على تعظيم قوة بعض العائلات الفلسطينية التي كانت بمثابة عصابات لترويج المخدرات وتجارة السلاح، نظرًا لعدم قدرتها على السيطرة عليها، الأمر الذي جعل المجتمع الفلسطيني يعيش في حالةٍ من عدم الاستقرار المجتمعي، لانتشار المخدرات بعد محاربتها، وسهولة وصول السلاح لأيدي الخارجين عن القانون، ما أثار العديد من النعرات العائلية، وفتح باب القتل ظلمًا في بعض الأحيان.

وقد حاربت الحركات الاسلامية المقاومة ذلك حتى فازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، وحدوث بعض الأحداث التي أفضت لحالة من النزاع على السلطة في الضفة والقطاع، والتي انتهت بسيطرة كتائب القسام الذراع العسكري لحماس على قطاع غزة، في خطوةٍ تأصيليةٍ منها لفوزها في الانتخابات التشريعية التي جائت بإرادةٍ دولية، وقد كان أحد مشاريع حماس الهامة (القضاء على تجار المخدرات والسلاح).

 حيث نجحت في ذلك على مدار فترةٍ امتدت بين العام 2006-2010 تقريبًا، ليصبح قطاع غزة أحد أكثر المناطق ندرةً في ترويج المخدرات والسلاح الخارج عن سلاح المقاومة والقانون المتمثل بالحكومة الفلسطينية التي تدير القطاع، وعلى الرغم من نجاح الحركة في ذلك الملف، إلا أن محاولات الاحتلال لم تتوقف من خلال حث السلطة الفلسطينية على اتباع سياسة إفساد القطاع وخلق قلاقل بداخله، لتغيير حماس كجهة حاكمة للقطاع، فيما بقيت حماس بمثابة الحارس لأمن القطاع، بجانب رفض المجتمع لانتشار ذلك بين صفوفه.

وقد كانت معركة طوفان الأقصى (7 أكتوبر 2023- 10 أكتوبر 2025) أحد أهم المراحل التي حاول الاحتلال فيها بمشاركة السلطة الفلسطينية تغيير حكم القطاع بواسطة العصابات المسلحة التي أسسها في مختلف مناطق القطاع، والتي أثبتت ضعف نجاحها، وتهريب المخدرات وترويجها بين صفوف الشعب الفلسطيني بأسعارٍ تعتبر في متناول الأيدي بالنسبة للوضع الاقتصادي المنهك حاليًا في القطاع، حيث تعتبر تلك السياسة أحد السياسات النفسية المتبعة لترويج المخدرات عالميًا لتوريط المتعاطين بها، والسيطرة عليهم من خلال ادمانهم.

كما عمل الاحتلال على اغتيال قائد جهاز مكافحة المخدرات في قطاع غزة العميد أحمد القدرة خلال مايو 2025، والذي كان يعمل على تثبيت دعائم الأمن في القطاع خلال الحرب، كما عمل على محاربة مروجي المخدرات خلال الحرب، فيما عملت وحدة سهم الأمنية والتابعة لوزارة الداخلية الفلسطينية على تنفيذ العديد من العمليات الأمنية ضد مروجي المخدرات، ما أضعف من قوة تأثيرهم عى المجتمع.

الخلاصة:

يتبع الاحتلال الاسرائيلي العديد من الأساليب لتدمير الجبهة الداخلية للمقاومة الفلسطينية، والتي كانت بمثابة الحامي الأول لها، والدافع الذي لا يتلاشى لاستمرار المقاومة الفلسطينية على مدار سنتين تقريبًا، حيث يعتبر لجوء الاحتلال لسياسة اغراق القطاع بالمخدرات، أحد مظاهر الفشل الواضحة على قدرته على إنفاذ خططه داخل القطاع، ليعمل على إشغال الفلسطيني بنفسه بتكلفة مالية أقل مما لو كانت قواته العسكرية متواجدة ميدانيًا، وعلى الرغم من ذلك إلا أن سياسته أثبتت فشلها لعدة اعتبارات منها:

•              زيادة الوعي لدى المجتمع الفلسطيني.

•              يقظة الأجهزة الأمنية الخاصة بالمقاومة الفلسطينية بالاشتراك مع الحكومة الفلسطينية.

اخبار ذات صلة