كانت الأجواء جميلة وهادئة هدوءا منقطع النظير، أمواج البحر تعزف لحنها الجميل، نسمات عليلة تداعب الوجوه الناعمة، كلّ شيء في هذا الساحل الأسترالي ينعم بهدوء وسلام وأمن وأمان، الناس ينتشرون على شاطئهم الاحب إلى قلوبهم انتشار الفراش على زهر الربيع، المكان ثري سخيّ في الامتاع وإشباع رغبات الحياة الرغيدة، وكانت هناك جماعات يهودية من رجال ونساء وأطفال جاءت لتحتفل بعيد لها بكل هدوء ورخاء واطمئنان، كل شيء يوحي بيوم سعيد من أيام هذا الشاطئ الجميل.
هكذا بدأ القصة أحمد الأحمد الذي جاء ليقضي وقتا ممتعا في هذا اليوم اللطيف. بدأ بوصف المكان ومشاعره التي تعانق كل تفاصيله بحبّ وشغف. رجل بدى ملتحما في المكان حتى النخاع، عاشق كعشق الشمس الربيعية للشواطئ الاسترالية.
يتابع أحمد الأحمد: فجأة سمعت كما سمع الناس دويّ رصاص يشق جدار الصمت ، صوت نشاز يضرب سيمفونية هذا الجمال، التفتّ يمينا وشمالا أبحث عن مصدر هذا الرصاص، رأيت شابّا يصوّب اتجاه الناس ويطلق عليهم الرصاص حامل الموت والهلاك، ضربت رأسي أسئلة سريعة، ماذا يفعل هذا المجنون؟ ولماذا؟ ألأنهم يهود مثلا؟ وه
ل ديننا يعادي اليهود لأنّهم يهود؟ من هؤلاء من كان يتظاهر معنا ضد الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل"؟ من يكون هذا الذي يطلق النار؟ لن يكون إلا من جماعة متطرفة منحرفة وقد تكون من تشكيلات الموساد، أولاد العفاريت يجيدون تمثيل دور الضحية وهم في أقسى درجات الإرهاب. تحرّك يا أحمد واقلب السحر على الساحر، لن ينجحوا في ضرب الرواية التي تنقض الرواية الصهيونية.
ركضت مسرعا وبعملية التفافية صرت خلف الرجل، لم يكن يسمع خطواتي وهي تسرع اليه من الخلف من صوت الرصاص، وصلته وانقضضت اليه من الخلف، لم تمر في خلدي حسابات المخاطر ولا شعرت بخوف أو اضطراب. وثبت عليه وثبة أسد، فاجأته فارتبك ولم أمهله حتى يلتقط أنفاسه، قبضت على سلاحه وبقوّة انتزعته منه، انكفأ الى الخلف فصوّبت عليه السلاح، كنت قادرا على قتله برصاصه، ولكني تركته للقضاء، لا أريد أن أعلّق في رقبتي روحا بأي حال من الاحوال.
أنا متأكد أنه ضحيّة وأن هناك من يعمل للاستفادة من هذه الجريمة النكراء، هؤلاء الذين يرتكبون المجازر في فلسطين سيستفيدون كثيرا، سيتباكون على اليهود الضحايا لهذا الإرهاب، وسيقولون إن المشكلة في استهداف اليهود من قبل هؤلاء.
ولكني أقول لكم أنا مسلم ودافعت عن اليهود المسالمين ولكني في نفس الوقت أدين الإرهاب الصهيوني لأنه المغذّي الرئيسي للإرهاب، حرب الإبادة في فلسطين هي السبب والمسبّب، نحن نبكي هنا على ضحايا هذا الشاطئ في هذا اليوم الجميل، لكن من يبكي على ضحايا غزةّ وعلى شاطئها الذي كان من أجمل شواطئ العالم، ولكن دمّره الاحتلال وعاث فيه الفساد.
أُصبت برصاصتين اخترقتا ساعدي وساقي، أشعر بوخزهما ولكنهما لن ترقيا بألمهما لتصلا ألم ضميري لو تقاعست ولم أقدم على ما فعلت.

