قائمة الموقع

"أزمة الفكّة".. أداة إسرائيلية لخنق غزة اقتصاديًا

2025-12-08T08:28:00+02:00
تصليح العملات المهترئة في غزة
فلسطين أون لاين

وقفت الخمسينية سماح الأخشم في طابور طويل داخل أحد المحال التجارية بمدينة غزة، لكنها غادرت المكان دون شراء احتياجاتها، بعد أن رفض البائع تزويدها بها بزعم عدم توفر "الفكّة". وتقول الأخشم بغضب: "من أين نحصل على الفكّة؟ الجميع يطلب منا توفيرها، وهي أصلًا غير موجودة، وما نحصل عليه يأتي بعد عناء كبير".

وتشير إلى أن الأزمة لا تقتصر على نقص العملات المعدنية، بل تمتد إلى العملات المهترئة التي يرفض كثير من التجار التعامل بها، إلى جانب إقدام بعض الباعة على وقف التعامل بفئة العشرة شواقل، ما عمّق الأزمة بشكل أكبر.

وتؤكد الأخشم أن منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إدخال العملات إلى القطاع منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ومنع البنوك من جمع العملات التالفة، هو السبب الرئيس في تفاقم الوضع النقدي داخل غزة.

وطالبت سلطة النقد الفلسطينية بإلزام البنوك بفتح أبوابها وتداول جميع العملات الموجودة، بما فيها المهترئة، وإجبار التجار على التعامل بمختلف الفئات النقدية المتاحة.

معركة يومية

يخوض المواطن جهاد مقداد معركة يومية بحثًا عن بعض العملات المعدنية لشراء الخبز أو دفع أجرة المواصلات.

ويقول مقداد لـ "فلسطين أون لاين": "أتجوّل يوميًا بين أكثر من سبعة محال لشراء حاجيات بسيطة لا تتجاوز قيمتها عشرة شواقل، وفي النهاية أعود بلا شيء لأنني لا أملك فكّة".

ويضيف أن بعض الباعة يخبئون الفِكّة، ما يزيد من معاناة المواطنين، حتى أصبحت بعض شركات النقل وسائقو الحافلات يشترطون على الركاب توفير الفِكّة قبل الصعود، وإلا يضطرون للانتظار أو السير على الأقدام.

من جهته، يؤكد البائع محمد عكيلة أن عدم توفر الفكّة يضعه يوميًا في مواقف محرجة مع الزبائن، إلى جانب رفض المواطنين التعامل بالعملات المهترئة.

ويشير عكيلة لـ"فلسطين أون لاين" إلى أن توقف بعض التجار والبائعين عن التعامل بفئة 10 شواقل، ورفض فئة 20 شيكل الورقية، فاقم الأزمة بصورة ملحوظة.

أزمة مُفتعلة

ويرى الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر أن أزمة الفكّة في غزة واحدة من أخطر الأزمات التي تثقل كاهل المواطنين، لكنها تفاقمت بشكل متعمد بفعل الحصار الإسرائيلي وتشديده خلال الحرب.

ويوضح أبو قمر لـ"فلسطين أون لاين" أن جذور الأزمة تعود إلى شُح السيولة النقدية الناتج عن الحرب، ومنع الاحتلال إدخال الأموال واستبدال التالف منها.

ويضيف أن رفض التجار التعامل بفئة عشرة شواقل وفئة عشرين شيكل عمّق الأزمة، رغم أنهما الفئتان الأهم في تسيير عمليات البيع اليومية، خاصة في ظل تلف جزء كبير من العملات نتيجة القصف والاستخدام المفرط.

ويشير إلى أن غياب الفكّة يعطل مئات المعاملات اليومية، ويخلق حالة من الفوضى الاقتصادية، ما يجعل الأزمة تبدو مفتعلة نتيجة سياسات الاحتلال وممارسات بعض التجار، الأمر الذي رفع الطلب على الفِكّة في مقابل تلاشيها من الأسواق.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الحل يكمن في إدخال الفِكّة وفئة 20 شيكل، واستبدال التالف من العملات، وإعادة العمل بفئة 10 شواقل لكونها العمود الفقري لـ"الفكّة"، إلى جانب تنشيط وسائل الدفع الإلكتروني، لا سيما في قطاع المواصلات، للحد من الاعتماد على النقد.

ويؤكد أبو قمر أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى منذ بداية الحرب إلى إغراق غزة بأزمات متتالية، من بينها أزمة السيولة النقدية، داعيًا إلى تدخل دولي عاجل لإنهاء المعاناة الاقتصادية والإنسانية لسكان القطاع.

اخبار ذات صلة