فرض الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا إجراءاتٍ أمنية مُشددة على البلدة القديمة قلب مدينة القدس النابض، في خطةٍ جديدة ترمي إلى تضييق الخناق أكثر داخليًّا وعزلها عن محيطها المقدسي.
بعض تفاصيل هذه الخطة أوردتها القناة العاشرة من قِبل ما يسمى "وزير الأمن الداخلي"، منها إقامة حواجز عسكرية وبواباتٍ ونصب كاميرات، إضافة إلى نشر قواتٍ مما يسمى "حرس الحدود" في منطقةٍ ضيقةِ المساحة وكثافتها السكانية مرتفعة.
الخبير المقدسي جمال عمرو قال لصحيفة "فلسطين": يستهدف الاحتلال البلدة القديمة منذ سيطرته على القدس عام 1967م، فمحو "حارة المغاربة" بالساعات الأولى من الاحتلال كان أولى هذه الخطوات في تغيير تاريخ وجغرافيا البلدة القديمة.
وأضاف: "البلدة القديمة تعد حاضنةً للمقدسات؛ ففيها المسجد الأقصى وقبة الصخرة وكنيسة القيامة وأوقاف إسلامية عديدة، إنه سببٌ يدفع الاحتلال إلى خنق البلدة القديمة وتجفيف منابعها".
وأشار إلى أن الشركات الاستيطانية تنشط لاشتراء المنازل من مرضى النفوس، أو بعمليات تزويرٍ منظمة، لكن المقدسيين في البلدة القديمة لجؤوا إلى ما يسمى "الوقف الذري"، أي إيقاف المنزل أو المحل التجاري وقفًا ذريًّا يستفيد منه أصحاب المنزل وأحفادهم، ولا يجري عليه أي بيع في المستقبل.
وقال د. عمرو: "إن الإجراءات الأمنية التي تتحدث عنها الصحافة العبرية ليست بالجديدة، فهي معمولٌ بها منذ زمنٍ بعيد، ذلك أن الكاميرات الأمنية مزروعة في كل زاويةٍ، وقوات ما يسمى حرس الحدود تجوب الشوارع الضيقة على مدار الساعة، وبلدية الاحتلال تمارس سياسة التفتيش والمراقبة لمنع أي ترميمٍ قائم"، مضيفًا: "هناك مُخطط مرعب يرمي إلى تقليل عدد سكان أهالي البلدة القديمة من 33 ألف مواطن إلى عشرة آلاف مواطن، وإحلال المستوطنين مكانهم، إذ يصل عددهم إلى قرابة سبعة آلاف مستوطن سكنوا منازل مقدسيين بعدة وسائلٍ غير قانونية".
بدوره قال المهندس بسام الحلاق مدير لجنة التراث في المسجد الأقصى: "البلدة القديمة مساحتها كيلو متر مربع، وهي مكتظة بالسكان، ذلك أن الاحتلال يمنع أي ترميم لها حتى يهجرها أهلها وتُفرّغ منازلها، ويحلّ مكانهم مستوطنون من الجماعات المتطرفة التي تنادي بذبح المقدسيين وطردهم".
وأضاف: "يفعلون الآتي: لا يرممون المنازل التي تقع أسفل البلدة القديمة إذ تحدث فيها تشققات خطيرة بفعل الحفريات، فضلًا عن أن المواطنين المقدسيين يحذرون بعدم صلاحية السكن فيها حتى يرحلوا عنها".
وقال د. ناجح بكيرات مدير أكاديمية القرآن في المسجد الأقصى والمبعد عن المسجد الأقصى منذ قرابة الشهرين في حديث إلى "فلسطين": "ترمي الإجراءات الأمنية المقترحة إلى جعل البلدة القديمة (كانتون) معزولًا عن 18 حيًّا مقدسيًّا، وهذا العزل يأتي في سياق تجفيف منابع المسجد الأقصى على الصعيد البشري".
وتوقع أن فرض هذه الإجراءات الأمنية حول البلدة القديمة وفي الأحياء الداخلية سيؤدي إلى "طرد ناعم" دون ضجة لكل من يريد التوجه إلى المسجد الأقصى، مضيفًا: "سيكون من السهل إغلاق المسجد الأقصى إغلاقًا شبه كامل وتفريغه من المصلين في مدة زمنية قصيرة جدًّا؛ فالاحتلال يواصل التهويد بكل صوره داخل الأقصى وخارجه".