قائمة الموقع

مفقودون في "زيكيم" … تحقيق لـ "CNN" يكشف سرُّ اختفاء جثامين طالبي المساعدات بغزَّة

2025-12-03T15:45:00+02:00
مفقودون في "زيكيم"… وتحقيق لـ "CNN" يكشف سر اختفاء جثامين طالبي المساعدات بغزة
شبكة CNN الأمريكية

كان عمّار وادي يدرك أنه يخاطر بحياته عندما خرج في يونيو/حزيران للحصول على كيس دقيق لعائلته من شاحنة مساعدات قرب معبر زيكيم شمال غزة. وعلى شاشة هاتفه كتب وصيته القصيرة: "سامحيني يا أمي إذا حدث لي شيء… ومن يجد هاتفي فليخبر عائلتي أني أحبهم كثيرًا."

لم يعد عمّار إلى منزله. وبعد أسابيع، سلّم أحد الأشخاص هاتفه لعائلته، وكانت تلك الرسالة آخر ما وصل منهم عنه. عمّار واحد من عشرات الفلسطينيين الذين اختفوا قرب المعبر، وما تزال مصائرهم مجهولة.


 

يكشف تحقيق استقصائي أجرته شبكة CNN أنّ الجيش الإسرائيلي قام بدفن جثامين بعض الفلسطينيين الذين قُتلوا قرب المعبر باستخدام الجرافات في قبور ضحلة وغير معلّمة، بينما تُركت جثث أخرى في العراء تتحلل دون أن تُستعاد، بسبب خطورة المنطقة العسكرية.

 

ويرى خبراء قانون دولي أن طمس الجثامين بالجرافات وانتهاك حرمتها قد يرقى إلى جرائم حرب وفق اتفاقيات جنيف.

التحقيق اعتمد على مئات الصور ومقاطع الفيديو من المنطقة، إلى جانب شهادات سائقين وشهود عيان، وصور أقمار صناعية تظهر عمليات تجريف متواصلة خلال الصيف في المواقع التي قُتل فيها طالبو المساعدة.

شاهدان من داخل الجيش الإسرائيلي تحدثا لـCNN و"كسر الصمت"، مؤكدين مشاهدة عمليات مشابهة لدفن جثث فلسطينيين في قبور ضحلة خلال الحرب في أماكن أخرى داخل غزة.


 

الجيش ينفي… ولا يجيب

الجيش الإسرائيلي نفى أنه استخدم الجرافات لـ"إزالة" الجثث، لكنه لم ينفِ استخدامها في دفنها، واكتفى بالقول إن وجود الجرافات "روتيني" ويهدف لاحتياجات هندسية أو للتعامل مع تهديدات متفجرة.

لكن أحد المبلّغين من داخل الجيش قال لـCNN إن وحدته دفنت تسعة فلسطينيين أوائل عام 2024 دون وضع أي علامة على القبر، مضيفًا: "لم تُلتقط صور ولم يُسجل الموقع… عائلاتهم قد لا تعرف أبدًا ما الذي حدث لهم."

يظهر في مقاطع أخرى فلسطينيون يفرّون حاملين أكياس الدقيق تحت وابل من الرصاص. ويبدو في أحد المقاطع شخص يُصاب من الخلف، بينما تُظهر قراءة خبيرة للأصوات أن إطلاق النار جاء من موقع عسكري إسرائيلي قريب.


 

وأكد سائقو شاحنات مساعدات لـCNN أنهم شاهدوا جثثًا متناثرة ومتفسخة بشكل دائم قرب المعبر، مشيرين إلى أن الجرافات الإسرائيلية كانت تطمر الجثث أو تغطيها بالتراب.

وقال أحد السائقين: "أرى جثثًا كل مرة أعبر فيها زيكيم… رأيت جرافات إسرائيلية تدفن القتلى أمامي."

وأضاف آخر: "زيكيم مثل مثلث برمودا… لا أحد يعرف ماذا يحدث هناك، ويبدو أن أحدًا لن يعرف."

مشاهد صادمة لعمال الإنقاذ

سمح الاحتلال لدورية من الدفاع المدني بدخول المنطقة بعد أيام من إحدى الحوادث. وقال أحد المسعفين لـCNN:

"المشهد كان صادمًا… الجثث كانت متحللة بشكل واضح، والكلاب أكلت أجزاء منها."

تمكن الفريق من نقل 15 جثة فقط، بينما تُرك نحو 20 جثة في المكان دون أن تُستعاد.

هذه ليست الحادثة الأولى؛ إذ وثقت تقارير فلسطينية ودولية دفن الجيش الإسرائيلي لجثامين في مستشفى ناصر بخان يونس حيث عُثر على مئات الجثث في مقابر جماعية، ومواقع متعددة تم فيها طمر قتلى ومصابين خلال العمليات البرية.

تدمير عدد من المقابر الفلسطينية بالجرافات، وصل إلى 16 مقبرة على الأقل، وفق تحقيق سابق لـCNN.


 

بعد مرور ستة أشهر، ما يزال مصير عمّار وادي مجهولًا، تقول والدته نوال مصلح: "عندما يخطر على بالي، لا تتوقف دموعي. نحن نرضى بقضاء الله، لكننا فقط نريد أن نعرف… ماذا حدث لابننا؟"

ويقول شقيقه حسام: "غياب عمّار ترك فراغًا كبيرًا… إن كان شهيدًا فليتقبله الله، وإن كان حيًا فنحن نتمسك بالأمل."


 

اخبار ذات صلة