شفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن تعثر كبير في خطة نشر قوة دولية في قطاع غزة، وهي أحد العناصر المحورية في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعدما باتت الدول المتوقع مشاركتها أكثر ترددًا في إرسال قوات، وسط قلق من احتمال انخراط الجنود في مواجهات مباشرة مع الفلسطينيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين مطّلعين أن العديد من الدول خفّضت تعهداتها السابقة أو أعادت تقييم مشاركتها، ما أدى إلى تراجع عروض نشر قوات، وذلك بالتزامن مع تعقيدات ميدانية مستجدة على الأرض واستمرار الخروقات الإسرائيلية في غزة.
وبحسب الصحيفة، فإن إندونيسيا — التي أعلنت سابقًا استعدادها لإرسال ما يصل إلى 20,000 جندي — تدرس اليوم إرسال قوة أصغر بكثير، وفقًا لمسؤولين في جاكرتا طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.
وأكدت المصادر أن الجيش الإندونيسي يستعد حاليًا لإرسال نحو 1,200 جندي فقط، يستغرق وصولهم حوالي ستة أشهر، مع وجود تردد داخل صفوف الضباط خشية التورط في مواجهات مسلحة.
أما أذربيجان، التي كان يُتوقع أيضًا أن تساهم بقوات، فقد أعادت تقييم موقفها، وفق مسؤولين مطلعين، فيما لم تلتزم أي دولة عربية بإرسال جنود حتى الآن. وقال مسؤول إقليمي مطّلع: "قبل شهر، كانت الأمور أفضل بكثير".
تشكل "قوة الاستقرار الدولية" حجر الأساس في خطة ترامب التي صادق عليها مجلس الأمن في 17 نوفمبر/تشرين الثاني. ومنح القرار القوة تفويضًا بنزع سلاح غزة وتأمين الحدود وحماية المدنيين والإغاثة.
لكن المسؤولين الأميركيين ما زالوا يواجهون أسئلة جوهرية من الدول المحتملة المشاركة، أبرزها كيفية تعامل القوة مع مصادرة أسلحة حركة "حماس"، إضافة إلى غياب الوضوح بشأن قواعد الاشتباك وحدود التفويض.
ونقلت الصحيفة عن أحد المطلعين على التخطيط الأميركي أن الهدف هو نشر قوة من ثلاث فرق يصل عددها إلى 15,000 جندي، بينما قد ترتفع إلى 20,000.
ورغم المساعي الأميركية، لا يرجح أن تبدأ أي دولة بنشر قواتها قبل معرفة تفاصيل المهمة. وقد تستغرق الترتيبات اللوجستية والتدريب أسابيع طويلة، مع توقعات أميركية بأن يبدأ الانتشار مطلع 2026.
وكان الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو قد أعلن استعداد بلاده لإرسال 20,000 جندي، لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الإندونيسية أوضح لاحقًا أن الرقم يمثل "القدرة الكاملة" لقوات حفظ السلام وليس التزامًا تجاه غزة، كما قالت المتحدثة باسم الخارجية الإندونيسية إن الرقم "يعكس جاهزية عامة وليس قرارًا محددًا".
وبحسب مصادر في الخارجية الإندونيسية، فقد "وبخت" دول عربية جاكرتا بسبب إعلانها المتسرع عن نية إرسال قوات قبل أن تُحدد الدول العربية مواقفها.
وتؤكد جاكرتا حاليًا أن دور قواتها — إن شاركت — سيكون متركزًا على "الصحة والبناء" وليس القتال.
إلى جانب إندونيسيا وأذربيجان، عبّرت كل من باكستان وإيطاليا عن استعداد أولي للمشاركة، لكن دون التزام واضح. وأكدت رويترز أن أذربيجان لن ترسل قوات إلا عند توقف القتال بالكامل. أما باكستان، فرفض مسؤولوها التعليق.
وأكد أنور قرقاش، مستشار رئيس الإمارات، أن بلاده لا ترى "إطارًا واضحًا" لعمل القوة الدولية. أما الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله فوصف موقف أبوظبي بأنه "تراجع 180 درجة" عن الحماسة التي أبدتها سابقًا.
ونقلت الصحيفة عن أحد المشاركين في التحضيرات قوله: "بعد قرار مجلس الأمن، اعتقدنا أنه سيتم الإعلان عن مجلس السلام خلال 48 إلى 72 ساعة… لكن لم يحدث شيء، حتى بشكل غير رسمي".