فلسطين أون لاين

​في ذكرى "الأيام الثمانية"

3 حروب.. ماذا غيَّرت فيك؟

...
غزة - مريم الشوبكي

قطاع غزة، تلك البقعة الجغرافية الصغيرة، دُكَّ بثلاث حروب إسرائيلية غاشمة بين عامي 2008 و2014. حينما تتحرك في ذاكرتنا أحداث هذه الحروب، تخيم الكآبة والحزن على نفسيتنا، لما تركته في بعضنا من آثار نفسية صعبة، ولكن، في الوقت ذاته، طالت آثارها جوانب أخرى، كتغيير بعض القناعات والسلوكيات عند البعض.

في الذكرى الخامسة لحرب الأيام الثمانية، التي شنّها الاحتلال على القطاع في 14/11/2012، سألت "فلسطين" عددا من المواطنين عمّا غيرته فيهم الحروب الثلاث، وتلك الإجابات كانت...

مزيد من القوّة

"ميسرة بارود"، قال إن التغيير الذي أحدثته الحروب في حياة الغزيين يختلف من شخص لآخر حسب البيئة والثقافة والعقيدة.

وأضاف لـ"فلسطين": "على صعيدي الشخصي، الحروب رسخت لدي قناعاتي القديمة، بأن الحق مضطهد، والثبات عليه صعب، والحريات لا بد لها من تضحيات، وأن الحروب تميز الخبيث من الطيب، وتعمل على فلترة القلوب وحقيقة إيمانها بالله عز وجل"، متابعا: "في الحروب، كنا نستحضر عظمة الصحابة الأجلاء، وحجم الابتلاءات والتضحيات التي حملوها على عاتقهم لتوصيل الأمانة لهذه الأمة".

فيما أكدت "وفاء عبد الهادي" أن الحروب لم تغير شيئا في حياتها نحو الأسوأ، وإنما زادتها قوة وعزيمة وإصرارا على مواجهة الحياة في غزة والصبر على مصاعبها.

وأوضحت لـ"فلسطين": الحرمان الذي نعيشه على صعيد الرواتب والكهرباء، وانعدام الوظائف، غير لدى كثير من سلوكيات التبذير وصرف المال على أمور ليست من ضرورات الحياة، حيث أصبحت أكثر شعورا بمن هم أقل مستوى مادي مني".

شبح الفقد

أما "ياسمين لولو" فكان للحروب تأثير كبير على شخصيتها، إذ جعلتها أكثر حساسية تجاه آلام الناس، ومشاهد الدماء التي تُعرض على شاشات التلفزيون وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبحت تحاول قدر استطاعتها ألا تشاهدها، حتى لا تتأزم حالتها النفسية.

وبيّنت لـ"فلسطين": "وعلى الصعيد الإيجابي، أحدثت الحروب تغييرا في قناعاتي تجاه مساعدة الآخرين من الأسر المستورة، دون انتظار التأكد من حقيقة معاناتهم، فدائما أفعل ذلك بنية تفريج الكرب عن مؤمن وليس إلا، حيث إن الحياة خلال العشر سنوات الأخيرة كانت صعبة للغاية، وفيها أصبحت الكثير من الأسر تحت خط الفقر".

الحرب أصبحت هاجسا بالنسبة لـ"رانيا أبو جراد"، تخاف أن تسمع أي كلام عنها، وتهتز نفسيتها حينما تسمع بعض الشائعات والتوقعات بأن الحرب باتت قاب قوسين أو أدنى، لأنها عاشت من الرعب والهلع ما يكفي هي وأطفالها.

وقالت لـ"فلسطين": "كنتُ قوية بما يكفي قبل معاصرتي للحروب، وبعدها بت إنسانة أخرى، أهتز وأخاف من أي صوت أسمعه، وزاد تعلّقي بأطفالي عن الحد الطبيعي، ما يجعلني في توتر دائم".

وأضافت: "صرت أخاف أن أفقد أحد أطفالي، أو أن أُفجع بخبر استشهاد شخص من عائلتي الكبيرة".

شيء آخر انتبهت إليه بفعل الحروب، إذ أوضحت: "في الحروب أيضا تُكشفت لي معادن الناس من الشامتين والحقودين، ومن أصحاب المعادن الأصيلة، ومن الذين يملكون المروءة والإيثار على أنفسهم، ويؤوون عائلات في بيوتهم يتقاسمون معهم كل شبر في البيت، وما توفر من الطعام أيضا".

"وصال أحمد" عايشت الحروب الثلاث على غزة، وكان نتيجة ذلك تضررها نفسيا بدرجة كبيرة، إذ قالت: "الحروب دمرتني نفسيا من مشاهد الشهداء والدماء والأشلاء لأسر كاملة، لم أعد أتحمل مزيدا من هذه المشاهد".

واستدركت": "ولكن في نفس الوقت، قوّت الحروب إيماننا بالمقاومة".