في قلب مستشفى أصدقاء المريض وسط مدينة غزة، تحول الطابق الأرضي، حيث يتواجد أطفال مرضى، إلى مكان مغمور بمياه الأمطار، نتيجة الدمار الذي سببه جيش الاحتلال على مدار حرب الإبادة الجماعية.
وحاصرت مياه الأمطار في اليوم الأول من المنخفض الجوي، الجمعة، هؤلاء الأطفال في "أصدقاء المريض"، كما أغرقت مستشفيات أخرى، منها مستشفى الشفاء.
يقول مدير مستشفى أصدقاء المريض د. حسن الشاعر، لصحيفة "فلسطين": تفاجأنا بغرق الطابق الأرضي من المستشفى بكميات هائلة من المياه وذلك نتيجة الدمار الذي سببه جيش الاحتلال للبنية التحتية في قطاع غزة كاملا وفي منطقة مستشفى أصدقاء المريض خصوصا.
ترتب على ذلك محاصرة الأطفال جميعا الذين كانوا يترددون على استقبال المستشفى بالإضافة إلى ثمانية آخرين كانوا مبيتين داخل القسم، بحسب الشاعر.
ويشير الشاعر، إلى أن مستشفى أصدقاء المريض هو الوحيد الذي يعمل حاليا في طب الأطفال بمدينة غزة وشمال القطاع، مردفا: لدينا قسم مبيت أطفال وقسم كبير للتعامل مع أطفال سوء التغذية وحضانة وعناية مركزة وعمليات جراحية للأطفال.

ويبين أن من ضمن الأطفال الذين كانوا يتواجدون في الطابق الأرضي من يعاني من سوء التغذية وأجسامهم ضعيفة واهنة وقد يؤثر عليهم هذا الغرق المفاجئ سلبا وقد نفقد جزءا منهم نتيجة تدفق هذه المياه بصورة كبيرة إلى المكان، الذي يسبب انخفاض درجة الحرارة ويعد أحد أسباب الوفاة لهؤلاء الأطفال.
ويصف الوضع في أثناء غرق ذلك الطابق من المستشفى بأنه "كان سيئا جدا"، مشيرا إلى أن المستشفى نقلت هؤلاء الأطفال إلى أقسام الحصانة وطب الأطفال والعناية المركزة للعمل على تحسين أوضاعهم.
ويوضح أن المستشفى تواصلت مع بلدية غزة التي أرسلت سياراتها عاجلا وبدأت العمل إلى أن أفرغ الطابق الأرضي.
لكن جهود إدارة المستشفى للحيلولة دون تكرار الأزمة تصطدم بواقع الحصار والافتقار إلى معدات وأدوات لازمة.
ويناشد مدير المستشفى، جميع المؤسسات الإنسانية والطبية للعمل على حل مشاكل جميع المؤسسات الصحية داخل قطاع غزة، لاسيما مستشفى أصدقاء المريض الذي يحتاج دعما لوجستيا للاستمرار في تقديم خدماته لاسيما للأطفال.

شكل آخر للإبادة
من جهته، يوضح مدير مجمع الشفاء الطبي بغزة د. محمد أبو سلمية، أن هذا هو فصل الشتاء الثالث الذي يحل على قطاع غزة في ظل حرب الإبادة الجماعية.
ويوضح أبو سلمية في منشور عبر فيسبوك، أنه مع أول هطول للأمطار، الجمعة، غرقت الخيام ومستشفيات أصدقاء المريض والشفاء والرنتيسي كما غرقت الطرق.
ويضيف: أصبح الناس وخصوصا الأطفال يرتجفون من البرد، فلا بيوت تحميهم ولا ملابس تقيهم من البرد.
ويبين أبو سلمية، أن الإبادة لم تنته بعد وتأخذ شكلا آخر بمنع إدخال الخيام والأدوية والمستهلكات الطبية ومنع إصلاح البنية التحتية.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية في بياناتها المتعددة، أن المستشفيات في غزة تعمل في "بيئة غير صالحة للرعاية الصحية"، بعد أن دمّر القصف الإسرائيلي أجزاء واسعة من بنيتها الأساسية، وتوقفت أقسام حيوية مثل العناية المركزة وحضّانات الأطفال بسبب انعدام الوقود والمياه.
وتشير المنظمة إلى أن الطواقم باتت تضطر للعمل بوسائل بدائية، فيما يواجه آلاف المرضى خطرا مباشرا على حياتهم.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن غالبية مستشفيات القطاع تعطلت جزئيا أو كليا نتيجة الدمار المباشر أو انقطاع الخدمات، فيما تعمل المنشآت المتبقية بطاقة تفوق قدرتها بكثير.
وبدعم أمريكي، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، قتلا وتدميرا وتشريدا وتجويعا وتعطيشا، أسفرت على مدار سنتين عن استشهاد وجرح أكثر من 230 ألف مواطن، ودمار واسع في القطاع.


