"نأسف لقد قصفت تل أبيب"، خمس سنوات على هذه المقولة، التي هزت أركان الدولة العبرية، وأطربت مسامع الفلسطينيين، سيما وهي تشير إلى الأداء النوعي للمقاومة، والتطور اللافت في أسلحتها التي عاظمتها وصولًا لبدء ساعة الصفر.
وفي الـ 14 من نوفمبر/ تشرين الثاني، 2012 أشعل الاحتلال فتيل الحرب، باغتياله القائد العسكري أحمد الجعبري خلال قصف سيارته بمدينة غزة، لتقرر المقاومة الرد على هذا العدوان، ومواجهة "عمود السحاب" بـ"حجارة السجيل".
صواريخ (M75)
في تطور لافت قصفت كتائب القسام مدينة "تل أبيب" المحتلة، لأول مرة في تاريخ المقاومة منذ عام1948، بصواريخ (M75)، لتنقلب المعادلة وتتغير قواعد اللعبة مع المحتل، ولتكشف المقاومة عن نقطة إعدادها الأولى التي كانت تخفيها بجعبتها لمثل هذه اللحظة.
يقول الخبير العسكري يوسف الشرقاوي لصحيفة "فلسطين": إن قصف تل أبيب، ومن ثم القدس المحتلة، وجعلهما تحت النار، كان بمثابة الحدث الأبرز وغير المتوقع بتاتا من قبل قيادة جيش الاحتلال العسكرية والأمنية والسياسية، وقد خلق ذلك حالة إرباك بدأت جلية في عدم مقدرتهم للتعاطي مع الحدث "الخطير".
ولم يكن الاحتلال وفقا للشرقاوي، ورغم حالة استخباراته المتوقفة على اطلاع لما حققته المقاومة من إعداد يصل بمدى صواريخها أكثر من 75 كيلو متر، أو أن تقصف "تل أبيب" والتي في وجهة نظره "خط أحمر".
ووفقا لبيانات كتائب القسام وحدها، فقد قصفت بلدات ومدن ومستوطنات الاحتلال عام 48 خلال أيام العدوان الثمانية، بـ1573صاروخًا وقذيفة، فيما أن سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الاسلامي ، أطلقت 600 صاروخ، من بينها صواريخ فجر 5 وكورنيت وC8K لأول مرة، بالإضافة إلى صواريخ غراد وقذائف هاون، وهو ما رأى فيه "الشرقاوي" نقطة إضافية تحسب في جانب انجاز المقاومة سيما وأنها مقاومة تكاد أن تكون تعيش في سجن منقطعة عن أي امداد خارجي.
ويقول الشرقاوي: "من الانجازات التي حققتها المقاومة، تداركها للضربة الأولى، باغتيال القائد أحمد الجعبري، وقيامها برد مشترك على الجريمة والعدوان، ومفاجأتها للاحتلال من خلال الأسلحة الجديدة المتمثلة في صواريخ ضربت تل أبيب والقدس، ومواصلتها اطلاق الصواريخ بوتيرة متصاعدة طوال أيام العدوان".
قوة الردع
وفشل جيش الاحتلال باخماد فوهة نيران منصات صواريخ المقاومة المتزايدة خلال أيام العدوان، ورفضها للتهدئة، ووفقا للشرقاوي؛ فإن ذلك ألحق مزيدًا من التآكل في قوة الردع لديه.
وقالت القسام في طور ردها على جريمة اغتيال قائدها، إن صاروخها (M75) هو صاروخ مطور، ومصنوع بأيدي عناصرها من ألفه إلى يائه، وأطلقت عليه هذا الاسم تخليدًا للشهيد القائد إبراهيم المقادمة، حيث إن الحرف (M) هو أول حرف من كلمة مقادمة، ورقم (75) يرمز إلى مدى الصاروخ.
وأعلن الاحتلال عقب العدوان، مقتل 19 مستوطنا، بينهم 9 جنود وأصيب 653 آخرون، بالإضافة إلى تضرر كبير في أكثر من 718 مبنى ومصنع واحتراق نحو 240 سيارة وتضرر 30 من المرافق والمؤسسات الزراعية، فيما تكبد الاقتصاد "خسائر تُقدر بـ 3 مليارات شيقل.
ولم يقتصر انجاز المقاومة على قصف البلدات والمدن المحتلة بالصواريخ، في رأي المختص في الشأن الإسرائيلي، د. مأمون أبو عامر، إذ إنها ضربت بأسلحتها المختلفة حشود الاحتلال على تخوم القطاع البرية فيما كان لها باع في العمل البحري أيضًا بإعلانها قصف بوارج حربية، غير أن الحدث غير المعتاد بالنسبة لـ(إسرائيل) بقي قصف تل أبيب والقدس.
ونبه المختص في الشأن الأمني د.هاني البسوس، أن حرب "حجارة السجيل" استعمل فيها القسام القوة العسكرية الصاروخية بكثافة ليربك المشهد الداخلي في دولة الاحتلال، وصفوف جيشه، إلى أن طلبت الأخيرة التهدئة من اليوم الثاني لوقوع الحرب، وهو مالم يحدث من قبل سيما وأن الاحتلال كان يسوق دائما غلبته العسكرية وضعف من يجابه من قوى المقاومة.