أصيب الآلاف من العالقين في قطاع غزة بخيبة أملٍ كبيرة، بسبب عدم وفاء حكومة التوافق بوعدها بفتح معبر رفح في الخامس عشر من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر الجاري، كما صرحت بذلك مراراً.
وأكد عدد من العالقين لصحيفة "فلسطين" أنه كان لديهم أمل كبير في أن يخرجوا من قطاع غزة لتحقيق آمالهم بالسفر لهدف العلاج، أو الدراسة، أو لقاء الأهل، أو لأسبابٍ أخرى، مُعبرين عن غضبهم الشديد من عدم فتح المعبر، واصفين وعود حكومة التوافق بـ"الكاذبة".
وكان وزير الشئون المدنية حسين الشيخ قد صرح مطلع الأسبوع الحالي بأن "فتح معبر رفح سيكون في 15/11، وأن الطواقم من الجانب الفلسطيني مستعدة تقريبًا إلى فتح المعبر في هذا التاريخ".
إحباط ومعاناة
رؤى اقطيفان الطالبة التي جاءت إلى غزة قبل عدة سنوات بهدف الدراسة أصيبت بإحباط كبير، بعد أن كانت تعد الأيام والليالي لرؤية أهلها الذين لم ترهم منذ أكثر من سنتين، وقد أنهت دراستها قبل مدة دون أن يكون هناك أي مجال للعودة عند أهلها.
قالت لـ"فلسطين": "جئت إلى غزة من الإمارات، وأنهيت دراسة التحاليل الطبية، ولم أتمكن من السفر، حاولت أن أُشغل وقتي وحصلت على مزاولة مهنة، والآن لا يوجد ما يشغل بالي إلا فتح معبر رفح لأعود إلى أهلي".
أضافت اقطيفان: "إن الوعود التي أطلقها المسؤولون في السلطة بفتح معبر رفح كلها ما هي إلا تخدير للناس بمنحهم آمالًا كبيرة، فيا للأسف!، لم يتحقق أي شيء من هذه الوعود".
ولفتت إلى أنها قضت ليلتها السابقة لموعد فتح المعبر وهي تبكي. وواست نفسها بأنها أفضل وضعًا من غيرها من العالقين ممن يحتاجون للسفر من المرضى، وأصحاب الإقامات المهددة بالانتهاء، أو من ضاعت عليهم فرصة الدراسة والاستفادة من منح للدراسة بالخارج.
من خارج القطاع
وفي المقابل لم يتمكن أبو محمد عطا المقيم في دولة قطر من العودة إلى القطاع لزيارة زوجته وأبنائه المقيمين هنا، وأكد أن استمرار التلاعب في مواعيد فتح المعبر وبث الأمل الكاذب في نفوس الناس سينقلب على من يقومون بذلك.
قال لـ"فلسطين": "في المرة قبل الأخيرة التي دار الحديث فيها عن فتح المعبر نزلت من قطر إلى القاهرة، وأقمت بها عدة أيام على أمل أن أدخل القطاع، لكن الأحداث المؤسفة التي حصلت في سيناء أدت إلى إغلاق المعبر ولم أتمكن من الدخول".
أضاف عطا: "عدتُ بعدها إلى قطر تملؤني الحسرة، وشوق كبير إلى عائلتي المقيمة في غزة، وها أنا أتابع دائمًا أخبار المعبر، ولا أصدق الخبر إلا إذا صدر من شخصية مسؤولة في حكومة التوافق المسؤولة عن القطاع الآن".
واستدرك: "ولكن على ما يبدو إن كل ما يقال في الإعلام هو لبث الأمل في نفوس الناس في البداية، ثم تدميرهم نفسيًّا بعدم تلبية حاجاتهم الأساسية"، مطالبًا حكومة التوافق بتنفيذ ما وعدت به من فتح معبر رفح، وإنهاء مآسي الناس التي لا حصر لها.
أما الشاب محمد سامي فلم يتفاجأ كثيرًا بعدم فتح المعبر، خاصة أن لديه تجربة سابقة في إرجاعه أكثر من مرة وتأجيل سفره، لافتًا إلى أن استمرار إغلاق المعبر يعيق سفره الذي يرمي من ورائه إلى الحصول على فرصة للعمل، واستكمال الدراسة في الصين.
قال لـ"فلسطين": "درست في الصين إدارة أعمال، ولم أستكمل الدراسة بعد أن عدت إلى القطاع في زيارة قصيرة، فمن وقتها أنا عالق ولم أستطع السفر، مع فتح المعبر أكثر من مرة"، متهمًا المسؤولين جميعًا الذين صرحوا بإمكانية فتح المعبر بأنهم "كاذبون".
وأضاف سامي: "عدم فتح المعبر هذه المرة أدخلنا في يأس غير مسبوق، وهذا ما دفع الكثيرين إلى الحديث عن الاستعداد للتظاهر أمام بوابة معبر رفح، لتسليط الضوء على معاناة الآلاف من العالقين".
هشام محمود من غزة، ولكنه عالق في الجانب المصري، بعد أن خرج في موسم الحج، أي منذ ثلاثة أشهر، لتنفيذ إجراءات الحصول على الجنسية المصرية من طرف أمه، منذ ذلك الوقت هو عالق هناك.
قال لـ"فلسطين": "خرجت أنا ووالدتي من غزة لأحصل على الجنسية المصرية، ولكننا لم نتمكن من العودة إلى غزة مرة أخرى، ونعيش الآن في شقة بالإيجار بانتظار فتح المعبر بعيدًا عن التصريحات غير الصادقة التي نسمعها".
أضاف محمود: "تدهورت صحة والدتي كثيرًا، خاصة أنها مريضة بالسكر والضغط، ومقعدة، وتعيش دون تناول الأدوية الخاصة بمرضها، ما أدى إلى تدهور صحتها"، مشيرًا إلى أنه لا يقدر على اشتراء الدواء لوالدته، وبصعوبة يدبر أجرة المنزل وثمن الطعام والشراب.
لم يكن يتوقع هذا الرجل الذي ترك عمله وأسرته أن يبقى في مصر كل هذه المدة، ولذلك لم يحمل معه أموالًا تسد حاجته، وأكد بدوره أن أوضاع الفلسطينيين العالقين في الجانب المصري صعبة جدًّا، وأن كثيرًا منهم لا يجدون مكانًا يأوون إليه، وآخرين استقروا في مدينة العريش إلى حين فتح المعبر.