كشف موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي في تحقيق جديد، أن منصة "يوتيوب" حذفت مئات المقاطع المصوّرة التي توثق انتهاكات إسرائيلية خطيرة في قطاع غزة والضفة الغربية، تماهيًا مع ضغوط سياسية لإخفاء أدلة على جرائم حرب.
وأوضح التحقيق، الصادر مساء الأربعاء، أن المنصة استهدفت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 عشرات الحسابات الفلسطينية ومنظمات حقوقية، وأزالت ما لا يقل عن 700 فيديو، من بينها فيلم وثائقي عن أمهات ناجيات من الإبادة في غزة، ومقاطع توثق مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، وأخرى تُظهر عمليات هدم المنازل في الضفة الغربية.
وأشار التقرير إلى أن الحسابات المحذوفة شملت صفحات تابعة لمؤسسات حقوقية فلسطينية بارزة، منها مؤسسة الحق، مركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إلى جانب قنوات إعلامية تحتوي على ساعات من اللقطات التي توثق قتل المدنيين وانتهاكات القانون الدولي.
وفي تعليقه على الخطوة، قال متحدث باسم "يوتيوب" إن الشركة تعمل وفق قوانين العقوبات الأمريكية ومتطلبات الامتثال التجاري.
من جهتها، شددت منظمات حقوقية فلسطينية أن الخطوة تمثل انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير و"محاولة متعمدة لإسكات الصوت الفلسطيني وإخفاء الأدلة الميدانية على الجرائم".
وقالت المديرة التنفيذية لمنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" سارة ليا ويتسون إن ما جرى يمثل "رضوخًا لتصنيفات سياسية تعسفية" ضد منظمات فلسطينية.
فيما أشارت كاثرين غالاغر، المحامية في مركز الحقوق الدستورية بنيويورك، إلى أن السياسة الأمريكية الحالية تسعى إلى منع تداول الأدلة المصوّرة على الجرائم الإسرائيلية.
أما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فاتهم المنصة بـ"توفير حماية للجناة من المساءلة القانونية"، مؤكداً أن حذف هذا الأرشيف المرئي يعني طمس سجل كامل من الشهادات والوثائق الحقوقية التي يمكن أن تستخدم في التحقيقات الدولية.
بدوره، أدان مركز "صدى سوشال" بأشد العبارات، قيام منصة "يوتيوب" بحذف قنوات تابعة لمؤسسات حقوقية فلسطينية، وما ترتب على ذلك من إزالة أكثر من 700 مادة مرئية توثّق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والصحفيين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وأوضح المركز أن هذا الإجراء يتجاوز كونه تطبيقًا لمعايير الاستخدام أو سياسة المحتوى، ليشكل في جوهره محاولة صريحة لطمس الأدلة البصرية التي تمثل جزءًا من الذاكرة الفلسطينية، وركيزة أساسية في جهود التوثيق والمساءلة الدولية على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد "صدى سوشال" أن الخطوة تأتي في إطار انصياع مباشر لضغوط سياسية أميركية استهدفت المؤسسات الحقوقية التي تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في توثيق جرائم الحرب.
ودعا المركز إلى إعادة القنوات والمحتوى المحذوف فورًا ودون شروط، وتشكيل لجنة مراجعة مستقلة لتقييم السياسات المطبقة على المحتوى الفلسطيني، ومحاسبة إدارة "يوتيوب" على ازدواجية المعايير في التعامل مع جرائم الاحتلال.

