سويسرا الدولة الأوروبية الصديقة للفلسطينيين تعود وتبدي استعدادها مرة أخرى لمساندة الجهود المصرية وتفعيل "خارطة الطريق السويسرية" المتعلقة بدمج الموظفين في غزة، وهو ما عده مراقبون، أنه خطوة يمكن أن توفر حلًا لإشكاليات فلسطينية داخلية متعلقة بدمج الموظفين وتغطية تكاليف رواتبهم إن وجدت طريقها نحو التطبيق على أرض الواقع.
ورأى محللان سياسيان تحدثا لصحيفة "فلسطين"، أن الخطة السويسرية يمكن أن تساعد الدول المانحة على تمويل برامج الحكومة الفلسطينية، والتي هي بحاجة إلى الدعم الدولي لتغطية نفقاتها.
وكانت سويسرا أعلنت أول من أمس، استعدادها لمساعدة مصر والأطراف الفلسطينية في مجال استكمال إدماج موظفي غزة في القطاع العام للسلطة الفلسطينية، ما يخدم عملية إتمام المصالحة الوطنية.
وقالت وزارة الخارجية السويسرية في بيان لها: "انسجامًا مع الجهود السابقة التي بذلتها سويسرا بشأن خارطة الطريق السويسرية المتعلقة بالموظفين في غزة، فإنها على استعداد لمساعدة مصر والأطراف الفلسطينية على استكمال إدماج موظفي القطاع العام".
اهتمام قديم
ورأى المختص في الشأن السياسي الأوروبي سامر أبو العنين، أن هناك اهتماما سويسريا قديما بالقضية الفلسطينية، في مسارات المساعدات الإنسانية والقضايا السياسية، لافتا إلى أن سويسرا تسعى لإنصاف حقوق الشعب الفلسطيني بالاحتكام لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ودعم حقوق الفلسطينيين في اختياراتهم الديمقراطية.
وأوضح أبو العنين في حديث لـ"فلسطين"، أن الدعم السويسري للقضية الفلسطينية يصب في المسار السياسي الذي يعتمد على "الحياد الإيجابي، ومساندة المظلومين في قضيتهم وفي صالح حقوق الشعب الفلسطيني".
وذكر أن الدعم السويسري يمكن أن يفيد السلطة والحكومة، باعتبار سويسرا ضامنة لاتفاق جنيف والمعاهدات الدولية والقانون الدولي، معتبرا أن وجود هذا الضامن يمكن أن يساعد الدول المانحة على تمويل برامج الحكومة والسلطة، على اعتبار أن الحكومة بحاجة لدعم أكثر من دول واحدة.
وبين أن إسراع السلطة بتنفيذ المصالحة سيشجع الدول المانحة على دعم الحكومة تشجيعا لاستقرار الأوضاع في المنطقة، مبينا أن الضمانة السويسرية تحتاج إلى موافقة السلطة الفلسطينية إذا كانت تقبل بها.
ولفت إلى ضرورة أن ترحب السلطة بهذا الاستعداد السويسري وتستفيد منه، مما يساعدها على الحصول على دعم مادي من المجتمع الدولي، مبينًا أن الظروف مواتية لتطبيق وتفعيل "الخارطة السويسرية"، في ظل تسلم الحكومة للمعابر، ووجود توافق فلسطيني داخلي على الكثير من القضايا.
ووصف أبو العنين الخطة السويسرية لتسوية الملف المالي لموظفي غزة بـ "الذكية"، لأنها تقضي على الشروخ الموجودة بين أبناء الشعب الفلسطيني، باعتبار أن عملية الدمج ستزيل الحساسيات وتضع الموظفين بمؤسسة رسمية واحدة، مشيرًا إلى أن السويسريين لديهم خبراء وإمكانيات يستطيعون بأساليب احترافية تطبيق الورقة.
وطرحت سويسرا في تشرين أول/ أكتوبر 2014، خطة كاملة لمعالجة أزمة رواتب موظفي الحكومة السابقة في قطاع غزة بإشراف أممي وموافقة السلطة الفلسطينية.
ويتمثل العنوان الرئيس للخطة السويسرية بضرورة استلام كل موظف مدني في الحكومة السابقة في غزة الراتب الشهري له أسوة بباقي موظفي السلطة الفلسطينية، من خلال آليات محددة لدمج هؤلاء الموظفين في مؤسسات السلطة الفلسطينية.
وتتضمن الخطة إحالة بعض الموظفين المدنيين للتقاعد، واستيعاب جزء آخر منهم في مشاريع، على أن يكون ذلك موضع بحث من قبل لجان مختصة تشكلها سويسرا.
غطاء دولي
من جهته، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت برام الله جهاد حرب أن الجهود السويسرية تدلل على وجود غطاء دولي للمصالحة، مشيرًا إلى أن سويسرا يمكن أن تلعب دورا في المرحلة الانتقالية قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن الأمر يتطلب دعم الدول العربية لهذه الجهود".
وبين حرب في حديث لـ"فلسطين"، أن "خارطة الطريق السويسرية" توفر حلا لإشكاليات فلسطينية داخلية متعلق بدمج الموظفين وتغطية تكاليف رواتبهم، وتوفر غطاء دوليا لا يعترض عليه الاحتلال، كما تشجع الدول المانحة على دعم المصالحة أو ميزانيات الحكومة.
وأضاف إن "حجم الموظفين الكبير الذين لا تستوعبهم حاجة الحكومة الفلسطينية، في ظل محدودية ميزانية السلطة من العقبات الأساسية في طريق المصالحة، ولكن عندما تتوفر الأموال لتغطية الرواتب، فإنه يتيح للسلطة ترتيب أمورها المالية، بانتظار انتهاء عمل اللجنة الإدارية الحكومية".
وحول فرص تطبيق الخارطة السويسرية، بين المحلل السياسي، أن هناك رغبة داخلية فلسطينية، في ظل تفاعل الإرادة الخارجية المتمثلة بالمبادرة المصرية، لافتًا إلى أن هناك جدية في انهاء الانقسام الفلسطيني بالتدخل المصري المباشر، والإشراف والمتابعة لتنفيذ اتفاق المصالحة وليس رعاية المباحثات فقط.
وبات من الواضح، بحسب حرب، عدم وجود اعتراض دولي على المصالحة كما كان في السابق، وهذا يوفر أرضية لإمكانية نجاح انهاء الانقسام، بعد استلام الحكومة للمعابر بأجواء إيجابية.