قائمة الموقع

هل سيصدر ترامب أمرًا بالإفراج عن البرغوثي؟

2025-10-28T15:44:00+02:00
الأسير مروان البرغوثي

كشف الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثار، بشكل مفاجئ، قضية الإفراج عن الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي، مشيرًا إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة حملت إشارات متناقضة تعكس حالة من الارتباك السياسي في الموقف الأمريكي تجاه الملف الفلسطيني.

وقال الرنتاوي في مقال له، إن ترامب أعلن أنه تلقى طلبًا للإفراج عن البرغوثي — من دون أن يوضح مصدر هذا الطلب — وأنه يبحث المسألة مع معاونيه، مؤكّدًا أن القرار في هذا الشأن يخصّه شخصيًا وليس في "جيب نتنياهو".

ولاحقًا، تابع ترامب بتصريحات أثارت الجدل، إذ كال المديح للرئيس محمود عباس، ووصفه بأنه "عاقل وحكيم"، معتبراً أنه "رجل يمكن التعامل معه"، لكنه عاد وأكد أن الشعب الفلسطيني يفتقد قائدًا واضحًا، وأن عباس لن يعود لحكم غزة، ما يعكس بحسب الرنتاوي تناقضًا بين إشارات الثناء والانتقاد في آن واحد.

ويرى الرنتاوي أن إثارة قضية البرغوثي من جانب ترامب ليست عفوية، بل تأتي ضمن تقاطعات وضغوط متعارضة بين أطراف عربية وإقليمية ودولية، ترجّح كفة الإفراج عنه بوصفه الخيار الأكثر واقعية وبراغماتية للتعامل مع ثقل حماس والفصائل في قطاع غزة.

ويشير إلى أن الولايات المتحدة قد ترى في مروان البرغوثي شخصية قادرة على موازنة النفوذ الفلسطيني الداخلي، وأن الإفراج عنه قد يُعيد بعض الشرعية المفقودة إلى المشهد السياسي الفلسطيني المنقسم.

لماذا لا تضغط واشنطن على تل أبيب؟

يُرجع عريب الرنتاوي تردّد الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل للإفراج عن مروان البرغوثي إلى جملة من الاعتبارات السياسية المتشابكة. فواشنطن، كما يرى، لا ترغب في كسر نتنياهو سياسيًا بعد خسارته الميدانية، وتحرص على أن تبقي له هامشًا من التماسك الداخلي. وفي الوقت نفسه، تريد أن تُحسب خطوة الإفراج عن البرغوثي لها لا لحماس، بحيث يظهر الرجل مدينًا لواشنطن بـ«جميل» حريته، وهو ما يجعلها تراهن على أنه سيكون أكثر استقلالية عنها سياسيًا وأخلاقيًا إن حدث ذلك.

كما تدرك الإدارة الأمريكية ضعف قدرة السلطة الفلسطينية على التعافي واستعادة شعبيتها، وترى في البرغوثي شخصية إصلاحية قادرة على إعادة التوازن للنظام السياسي الفلسطيني.

ويضيف الرنتاوي أن جانبًا شخصيًا لا يمكن تجاهله لدى ترامب نفسه، إذ يسعى الرئيس الأمريكي إلى تسجيل إنجاز كبير يُضاف إلى رصيده الانتخابي، ويمنحه صورة "صانع الحدث" في الشرق الأوسط، خصوصًا إذا ما رُوّج أن البرغوثي سيكون له شأن محوري في مستقبل الساحة الفلسطينية. بهذه الاعتبارات المتداخلة، تبدو واشنطن مترددة بين رغبتها في حفظ مصالحها الإقليمية وبين نزعة ترامب إلى صناعة مجد سياسي جديد.

ويشير الرنتاوي إلى أن الخلاف بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي حول ملف مروان البرغوثي كاد يطيح بصفقة التبادل الأخيرة ويهدد وقف إطلاق النار.

فحركة حماس وضعت اسم البرغوثي وعدد من القادة الأسرى، بينهم عبدالله البرغوثي وأحمد سعدات، على رأس قائمة الإفراج، في حين رفضت حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو ذلك بشكل قاطع.

ويضيف الكاتب أن إصرار حماس على إدراج مروان البرغوثي في الصفقة يعكس وعياً سياسياً ووطنياً بأهمية دوره التاريخي كجسر تواصل بين فتح والمقاومة والسلطة، وقدرته على منع فرض بدائل مصنوعة في الخارج على مقاس "الحل الإسرائيلي" و"الدفتر الأمريكي".

ويصف الرنتاوي مروان البرغوثي بأنه أعلى الشخصيات الفلسطينية شعبية في استطلاعات الرأي منذ سنوات، ورجل مصالحة ووحدة وطنية.

ويذكّر بأنه كان أحد مهندسي وثيقة الوفاق الوطني داخل السجون الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنه ينتمي للمدرسة العرفاتية في التفكير السياسي، التي تمزج بين العمل السياسي والمقاومة من دون تناقض بينهما.

ويعتقد الرنتاوي أن الإفراج عن البرغوثي سيحرّك المياه الراكدة في النظام السياسي الفلسطيني، وأنه قد يشكّل نقطة تحول في علاقة فتح بحماس، وربما يكون "بيضة القبان" التي ترجّح كفة المصالحة الوطنية.

بحسب الرنتاوي، فإن الإفراج المحتمل عن مروان البرغوثي لن يمر دون هزات سياسية في الداخل الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء.فالخاسر الأكبر سيكون تيار اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة نتنياهو وبن غفير، الذين سيعتبرون الخطوة إهانة سياسية وأمنية، في حين أن الرابحين سيكونون السلطة الفلسطينية، وفتح، والمقاومة، والشعب الفلسطيني، إذا ما أُحسن استثمار هذا الحدث الوطني الكبير.

ويختم الرنتاوي تحليله بالقول: "لا نعلم إن كان مروان سيتحرر قريبًا أم بعد حين، لكن المؤكد أن الإفراج عنه سيلقي حجرًا كبيرًا في مستنقع الركود الذي أصاب النظام السياسي الفلسطيني، وسيفتح الباب أمام تحولات داخلية عميقة في زمن الطوفان وما بعده".

اخبار ذات صلة