﴿*سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ﴾* الرعد: 24]
غزّة… يا نيران العزم المشتعلة في قلب العتمة، يا صخرة الإيمان في زحام السواد، يا موضع الاصطفاء الرباني، حيث شاء الله أن تكوني جسر النصر ومحراب الثوار.
في أتون المحرقة، حين احترق كل شيء… بقيتِ أنتِ، تحرسين الجمر، وتضيئين ليل الأمة.
سقطت البيوت، لكن ما سقطت الهامات.
انطفأت الأضواء، لكنكِ أضأتِ دروب الكرامة.
نزف الجرح، لكنكِ صنعتِ من النزف راية لا تُطوى… ولا تنكسر.
غزة…
أنتِ الدعاء المستجاب في زمن اليأس،
أنتِ الفجر الذي تأنّى ليجيء من رحم الدم،
أنتِ العدل حين نامت المحاكم،
أنتِ آية الابتلاء… وآية الاصطفاء.
سلامٌ على شهدائكِ… منارات المجد في عتمة الأمة،
سلامٌ على أسراكِ… رواة الصبر في ظلمة القيد،
سلامٌ على بيوتِكِ… التي لم تعد جدرانًا، بل معابد للبطولة،
سلامٌ على نسائكِ، وأطفالكِ الكبار، وعلى داوود الذي قاتل في نقطة صفر،
سلامٌ على رجالكِ ومقاتليكِ ومؤسساتكِ ومرابطينكِ… وكلّ من ثبت على عهد الدم والنار.
غزة…
يا محرقة لم يعرف لها التاريخ مثيلًا،
يا نارًا تصنع الحياة، ويا جسدًا ينزف ليُنبِت الحرية.
وحين وصل النبي ﷺ المدينة، ووجد اليهود يصومون عاشوراء شكرًا لنجاة موسى، قال: "نحن أحق بموسى منهم"، فصامه وأمر بصيامه.
واليوم… بعد طوفان الأقصى، وبعد عامين من المحرقة والإبادة والمحنة، والبأساء، والزلزلة،
وبعد أن أذللتِ عصابات الإبادة… وثبّتِ أمة غزة فوق الرماد،
ندعوكم أن نصوم شكرًا،
وأن نسجد حمدًا،
وأن نرفع الأكفّ إلى السماء، مردّدين:
الحمد لله الذي شرفنا بالانتماء إليكِ… يا غزة.
حتى نسمع نداء ربّنا العظيم لغزتنا الأبية وأهلها:
﴿سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ﴾

