في زمان ومكان يحملان دلالات مهمة، انطلقت محادثات وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في السادس من أكتوبر، الذي يوافق ذكرى انتصار مصر في حرب 1973، وقبل ذكرى السابع من أكتوبر 2023، تاريخ عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية.
هذا التزامن الزمني لم يأتِ مصادفة، بل ينطوي على رسالة رمزية واضحة، مفادها أن المحادثات الحالية لا تجري في فراغ، بل ضمن سياق نضالي طويل يعكس تواصل الإرادة العربية والفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
فاختيار هذا التوقيت والمكان يؤطر المحادثات بمناخ من القوة والثبات، ويمنحها بعدا يتجاوز الحسابات السياسية المباشرة، إلى أبعاد تاريخية لا تخطئها عين الخبراء.
رمزية لا تخطئها السياسة
انطلقت المحادثات، أمس، بعد موافقة حركة حماس الجمعة الماضية، على عدة بنود من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تتضمن عشرين بندا، خاصة في نقطتين رئيسيتين هما إطلاق أسرى الاحتلال وتسليم الحكم في غزة لهيئة مستقلة من التكنوقراط، مع إحالة بعض البنود الأخرى للتفاهمات بين الفصائل الفلسطينية.
ووصل وفد حماس برئاسة الدكتور خليل الحية إلى القاهرة، وعقد صباح أمس اجتماعات تحضيرية مع مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصرية.
ويرى الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية نضال أبو زيد، أن عقد المحادثات في 6 أكتوبر في شرم الشيخ يحمل رسالة قوية لـ(إسرائيل) تذكرها بهزيمتها في 1973. متابعا، (إسرائيل) لم تستوعب هذه الإشارة المهينة، فالمفاوضات اليوم تجري من موقع قوة ومواجهة، لا من ضعف أو استسلام.
ويشير أبو زيد في حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، إلى أن التزامن مع ذكرى عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، يعزز رسالة المقاومة التي تربط بين المعركة العسكرية والمعركة السياسية، ما يضع الاحتلال تحت ضغط مزدوج.
من جهته، يؤكد الخبير في الشؤون العسكرية والاسترتيجية محمد هزيمة لـ "فلسطين أون لاين"، أن اختيار التوقيت والمكان يعزز الموقف الفلسطيني والمصري، حيث تعيد ذكرى النصر شعور القوة والسيادة، وتثبت ذكرى طوفان الأقصى حضور المقاومة وتأثيرها.
ويكمل قائلا، هذا التوظيف الرمزي للزمان والمكان يساهم في تقوية الموقف التفاوضي نفسيا وسياسيا أمام (إسرائيل) والوسطاء.
مرونة دون تفريط بالثوابت
وفيما يتعلق بورقة الأسرى، يصف أبو زيد تنازل المقاومة عن الأسرى دفعة واحدة بالتكتيك الذكي. مردفا، نتنياهو لم يعد يرى في ملف الأسرى ورقة ضغط قابلة للاستثمار، بل ذريعة لتمديد الحرب. وبتنازل المقاومة، تجرد (إسرائيل) من ذريعة استمرار العدوان، ما يزيد من العزلة والضغط الدولي عليها.
ويشير أبو زيد كذلك إلى مشاركة جاريد كوشنر (صهر ترامب) في المفاوضات كدليل على الدفع الأمريكي العالي المستوى بقيادة ترامب، الذي يسعى لتحقيق اختراق سياسي قبل استحقاقات دولية مهمة، منها إعلان جائزة نوبل للسلام.
بدوره، يعتقد هزيمة أن التنازل عن الأسرى قد يكون جزءا من صفقة أشمل تشمل وقفا للعدوان أو تسهيلات إنسانية. ويؤكد أن المقاومة تدير المفاوضات بمرونة تكتيكية دون التخلي عن ثوابتها، مستثمرة كل ورقة تفاوض لتحقيق مكاسب أكبر في المرحلة القادمة.

