تتواصل لليوم الـ720 على التوالي جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان قطاع غزة، وسط تصعيد غير مسبوق في الهجمات التي تستهدف المدنيين، كان آخرها ما يتعرض له مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، من إبادة ممنهجة، وتشريد قسري، عبر قصف جوي وبري وبحري لا يهدأ.
فمنذ أيام، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا مكثفًا على غرب مدينة غزة، وتحديدًا مخيم الشاطئ، أحد أكبر وأقدم المخيمات في القطاع.
هذا العدوان شمل استخدام الطائرات الحربية، الزوارق البحرية، القصف المدفعي، بالإضافة إلى العربات المفخخة، طائرات "كواد كابتر" التي تُطلق القنابل والرصاص الحي مباشرة نحو السكان العزل، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى، وتدمير واسع في البنية التحتية والمنازل السكنية.
هدف مباشر
في مشهد يختزل ملامح الإبادة الجماعية، يؤكد سكان مخيم الشاطئ لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يتعمد استهداف جميع المباني السكنية التي تزيد عن ثلاثة طوابق، إلى جانب تفجير العربات المفخخة بين منازل المدنيين والمناطق التي نزحوا إليها سابقًا هربًا من القصف في مناطق أخرى من القطاع. وتحدث محمد جبر (70 عامًا) أحد سكان المخيم، عن اضطراره للانتقال من منزله إلى مكان آخر داخل المدينة، لكنه رفض مغادرة غزة نحو الجنوب، كما يروّج الاحتلال بأن هذه المناطق آمنة.
وقال جبر لصحيفة "فلسطين": "كل مرة ننتقل تحت القصف، ولا يوجد مكان آمن، لكننا لن نغادر مدينتنا، فالاحتلال يريد تفريغ غزة منا، ونحن هنا باقون".
بينما قال هاشم جودة، بنبرة ممزوجة بالغضب والصمود: "إن الاحتلال يفجر العربات المفخخة وسط أحيائنا لدفعنا إلى الرحيل، لكنه واهم فنحن لن نغادر مدينتنا، وسنموت على أرضنا".
وأشار جودة، وهو من سكان مخيم الشاطئ، لصحيفة "فلسطين" إلى أن منزله أصيب مرتين خلال؛ الأولى في بداية حرب الإبادة التي بدأها الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023، والثانية قبل أيام قليلة، نتيجة قذائف مدفعية مباشرة، ما أجبره للنزوح مجددًا.
استهداف متكرر
وبحسب شهود عيان، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت العديد من المنازل فوق رؤوس ساكنيها في مخيم الشاطئ، من بينها منازل تعود لعائلات: أبو سلمية، العكلوك، وهنية، فيما لم تسلم مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، والتي لجأ إليها آلاف النازحين، من القصف.
فيما قال محمد الدنف، وهو أحد سكان المخيم: إنّه رفض مغادرة منزله مع أسرته المكونة من 8 أفراد رغم كثافة القصف، مضيفًا: "خُدعنا في بداية الحرب وذهبنا للنزوح بحثًا عن الأمان، لكننا اكتشفنا أن لا مكان آمن في غزة، فالاحتلال يريد كسر إرادتنا عبر القتل والتشريد".
وأكد الدنف لصحيفة "فلسطين" أن طائرات "كواد كابتر" تطلق القنابل والرصاص بشكل مباشر على المدنيين في الشوارع، إلى جانب القصف المدفعي والغارات الجوية التي لا تتوقف.
وفقًا لوزارة الصحة، ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، وحتى اليوم، إلى 65,382 شهيدًا، و166,985 إصابة، في أرقام صادمة تعكس حجم المجازر المتواصلة بحق السكان.
أما منذ 18 مارس 2025، وحتى تاريخ 24 سبتمبر الجاري، فقد بلغ عدد الشهداء وحدهم 12,823، فيما وصل عدد الإصابات إلى 54,944، غالبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، ولا تشمل هذه الإحصائيات عدد المفقودين تحت الأنقاض، أو أولئك الذين لم يصل إليهم الطواقم الطبية بفعل الحصار واستهداف طواقم الإسعاف.
محاسبة دولية
في ظل الحرب المستمرة على القطاع، يطالب الغزيين في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين" المجتمع الدولي، وعلى رأسه الدول العربية والإسلامية، بالتحرك العاجل لوقف جرائم الإبادة الجماعية، ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه التي ترتقي إلى جرائم حرب وفق القانون الدولي.
كما دعا المواطنون إلى إطلاق حملة دولية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، وإنقاذ مئات الآلاف من المشردين الذين يعيشون في ظروف كارثية، في ظل غياب أدنى مقومات الحياة.
ما يجري في مخيم الشاطئ ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو تنفيذ متعمد لسياسة التطهير العرقي، والإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، ومع استمرار القصف والقتل والتهجير، تُطرح الأسئلة: أين الضمير العالمي؟، ومتى تتوقف حرب الإبادة التي لا تعرف الرحمة.