تمر علينا الذكرى الـ ١٣ لرحيل القائد الرمز الشهيد ياسر عرفات، وكان وقع الصدمة كبيرًا على نفس كل فلسطيني، مهما كان انتماؤه السياسي أو معتقده الديني؛ فمنذ ولادته حتى تاريخ حصاره ومغادرته رام الله وعلاجه في فرنسا إلى أن استشهد، كأن فلسطين كانت على موعد مستمر معه ومع ذاتها، فقد حمل "أبو عمار" في مسيرة حياته كلها هم فلسطين وهم شعبنا في الداخل والشتات .. وطنا وقضية.. أملا وهما.. أينما حل، حملها وناضل في مسيرة حياته وحتى استشهاده إلى درجة صار فيها الاسمان مترادفين لسنوات طويلة.. فإن نطقت باسم فلسطين.. تبادر إلى ذهنك لا شعوريا اسم "أبو عمار" .
هذا الرجل الذي وجه كل عيون العالم لقضية فلسطين التي حاول الاحتلال طمس اسمها ومعالمها وكانت تقتصر على قضية لاجئين فقط، وخاض نضالاً وجهاداً لا يلين لأكثر من خمسين عاماً على مختلف الجبهات، وظل عرفات وفيا للثوابت التي آمن بها .. القدس واللاجئين ، وإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة ، وكان مرناً في كُل شيء إلا الثوابت ، فقد استشهد وهو محافظ عليها .
فالشعب الفلسطيني وكل أحرار العالم لا ينسون ولن ينسوا ذلك اليوم من ذلك العام الذي بقي وسيبقى محفورا في الذاكرة ويردده الكل جيلا بعد جيل.. ويردد في كتب التاريخ حينما ردد القائد الفلسطيني مقولته الخالدة " يريدونني إمـا قتيلا أو طريدا أو أسيرا وأنا أقول لهم بل شهيدًا شهيدًا شهيدًا.. " إلى أن حظي بها، فلا يعقل أن يمر اغتياله مرور الكرام، دون كشف كل الحقائق ودون محاسبة ومعاقبة القتلة الذين أقدموا على ارتكاب هذه الجريمة، سواء من تواطأ أو خطط أو قرر أو نفذ أو أغمض عينيه وحاول التستر على الجريمة.
المطلوب منا في هذه الذكرى الثأر للشهيد "الختيار" والمعلم والأب الروحي لشعبنا من خلال وحدتنا واتباع وصيته بتحقيق الوحدة الوطنية، وحان الوقت لنقول كفى للخلافات ... كفى للانقسام، لنعيد لمسيرة نضالنا الوطني وجهها المشرق ولنبث الأمل في نفوس أبناء شعبنا بوحدة وطنية راسخة.
في هذه الذكرى الخالدة والمناسبة الوطنية التي يحييها شعبنا سنويا، والتي تؤكد وحدة شعبنا الطبيعية حول ثوابته الوطنية التي جسدها الرئيس أبو عمار، يجب أن تشكل حافزا لتسريع خطوات المصالحة، خاصة وأننا نقترب من اجتماع القاهرة للحوار الوطني بمشاركة مختلف الفصائل، وهي مناسبة لاستكمال الملفات أو نقاط الخلاف العالقة والتي إذا ما توفرت النوايا الصادقة، وروح الوفاء للقائد الرمز ياسر عرفات ونهجه ومسيرة نضاله، فإنها ستكون قابلة للحل دون حاجة إلى التأجيل أو الدخول مجددا في دوامات الحوار وإضاعة الوقت، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططاته الهادفة إلى تصفية القضية وسد الطريق نهائيا أمام أي حل سلمي عادل ودائم وشامل.