قائمة الموقع

قرار تاريخيّ: الكنيسة الميثوديَّة توقُّف استثماراتها في (إسرائيل) احتجاجًا على إبادة غزَّة

2025-09-15T16:55:00+03:00
قرار تاريخيّ: الكنيسة الميثوديَّة توقُّف استثماراتها في (إسرائيل) احتجاجًا على إبادة غزَّة
فلسطين أون لاين

في خطوة تاريخية قررت الكنيسة الميثودية المتحدة، وهي من كبرى الكنائس البروتستانتية في العالم، سحب استثماراتها من سندات حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في إدانة واضحة للاحتلال وممارساته في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الكنيسة التي تضم أكثر من 10 ملايين عضو في 130 دولة، كانت تستثمر سابقا في سندات حكومية إسرائيلية وشركات لها علاقات مباشرة مع الاحتلال، لكنها في أبريل/ نيسان 2024، صوتت خلال مؤتمرها العام على قرار يمنع الاستثمار في ديون أي دولة تمارس احتلالا عسكريا طويل الأمد، وعلى رأسها إسرائيل.

هذا القرار جاء نتيجة تصاعد جرائم الإبادة في غزة، وتوسع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، ووضع الكنيسة أمام مسؤولية أخلاقية لا يمكن تجاهلها.

يؤكد ديمتري دلياني، رئيس التجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، أن قرار الكنيسة الميثودية لا يفهم فقط كإجراء اقتصادي، بل هو تحول نوعي في الخطاب الأخلاقي للمؤسسات الدينية، ويمثل ضربة قاسية لشرعية الاحتلال، خاصة في الفضاء الديني والأخلاقي الذي لطالما سعت إسرائيل لاختراقه والتأثير فيه.

الكنيسة، رغم مواقفها السابقة التي كانت تنتقد الاحتلال، واصلت حتى وقت قريب الاستثمار في السندات الإسرائيلية وشركات مرتبطة بجيش الاحتلال والمستوطنات، لكنها اليوم تتخذ قرارا واضحا يقول: "الاستثمار لا يمكن أن يكون محايدا أمام جرائم قتل الأطفال"، هذا ما عبر عنه القرار الذي رأى أن السندات الحكومية لدولة تمارس احتلالا وإبادة وفصلا عنصريا، لم تعد أخلاقية ولا مبرر لدعمها بأي شكل من الأشكال.

ويوضح دلياني لصحيفة "فلسطين"، أن الكنيسة الميثودية لا تعد مجرد مؤسسة دينية تقليدية، بل هي قوة اجتماعية هائلة، مؤثرة في تشكيل الرأي العام الأميركي والعالمي، وتاريخها حافل بمواقف مؤثرة ضد التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، وضد الحروب والاضطهاد.

وبالتالي، فإن سحب استثماراتها من دولة الاحتلال يعكس إدراكا عميقا بواجبها الأخلاقي والإنساني، ويشكل ضغطا متزايدا على صناع القرار في الولايات المتحدة، خصوصا مع اقتراب الانتخابات وارتفاع صوت الرأي العام المناهض لدعم الاحتلال.

ويضيف أن التأثير الحقيقي للقرار لا يكمن فقط في حجمه المالي، بل في رمزيته السياسية والدينية. حين تقول كنيسة بهذا الحجم إن سندات (إسرائيل) لم تعد شرعية أخلاقيا، فهي تحدث تصدعا في بنية "الشرعية الدولية" التي طالما روجت لها إسرائيل، وتبعث برسالة واضحة إلى الأسواق العالمية والمؤسسات المالية، أن التعامل مع إسرائيل لم يعد أمرا طبيعيا، بل محاطا بشبهات أخلاقية وقانونية.

من هنا، يرى دلياني أن على القيادة الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني أن تستثمر هذا القرار جيدا، سواء في توسيع التحالفات مع الكنائس والمؤسسات الدينية، أو في تفعيل الجهد القانوني والدبلوماسي ضد الاحتلال.

ويوضح أن قرار الكنيسة الميثودية قد يشكل نقطة ارتكاز لحملات ضغط جديدة تستهدف الجامعات، وصناديق التقاعد، والمؤسسات الاستثمارية حول العالم، لحثها على الانسحاب من أي نشاط مالي مرتبط بالاحتلال.

كما يشير إلى أن هناك مؤشرات واضحة على قرارات مماثلة ستصدر عن كنائس أخرى، خصوصا في أوروبا وأميركا اللاتينية. فالكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة سبق أن اتخذت خطوات مشابهة، وإن كانت أقل حدة، بينما أصدر مجلس الكنائس العالمي بيانات واضحة تدين الاحتلال والفصل العنصري، وتدعو إلى إجراءات مقاطعة.

أما الكنيسة الكاثوليكية، خاصة في دول مثل ألمانيا وفرنسا، فقد باتت تحت ضغط أخلاقي وشعبي متزايد يدفعها لتبني مواقف أكثر وضوحا تجاه الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية.

ويشدد دلياني على أن هذه التطورات تفتح الباب أمام تشكل رأي عام كنسي عالمي يرى في إسرائيل دولة فصل عنصري لا تختلف في جوهرها عن نظام الأبارتهايد السابق في جنوب إفريقيا. وإذا ما تراكمت هذه المواقف وتحولت إلى سياسات واضحة، فإنها ستشكّل أداة فعالة في عزل الاحتلال دوليا وتجريمه أمام المحاكم والمؤسسات الحقوقية الدولية.

ويؤكد أن المسار الوطني الفلسطيني يزداد حضورا في إطار الضمير الإنساني العالمي، وأن قرار الكنيسة الميثودية يجب أن يقرأ باعتباره إعلانا أخلاقيا ضد الاحتلال، يمكن أن يكون بداية سلسلة قرارات دولية أوسع، شرط أن تمتلك القيادة الفلسطينية الإرادة السياسية، والرؤية الواضحة لاستثماره في الوقت المناسب.

اخبار ذات صلة