تنعقد اليوم في العاصمة القطرية قمة عربية-إسلامية طارئة، في أعقاب هجوم إسرائيلي على الدوحة في التاسع من الشهر الجاري، استهدف منزل رئيس الوفد المفاوض لحركة حماس الدكتور خليل الحية، ما أدى لاستشهاد ابنه همام ومدير مكتبه جهاد لبد وثلاثة من المرافقين، والوكيل العريف القطري بدر الدوسري.
وتكتسب هذه القمة أهمية استثنائية في ظل الدور المحوري الذي تلعبه قطر في جهود الوساطة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ما يمنح الاجتماع زخما مختلفا عن سابقاته ويجعل منه لحظة مفصلية لاختبار قدرة العواصم العربية والإسلامية على تحويل المواقف السياسية إلى أدوات ضغط حقيقية.
المحلل السياسي محمد القيق يرى في القمة فرصة حقيقية لتبني قرارات جريئة وفعالة تبدأ بوقف العلاقات مع الاحتلال، وطرد السفراء، وإغلاق السفارات، مع إعادة الملف الفلسطيني إلى الساحة الدولية والأمم المتحدة لتفعيل القرارات الصادرة، بعيدا عن الوساطات التقليدية التي قلصت من حجم القضية.
ويشدد القيق على أهمية تشكيل درع دفاعي عربي مشترك لحماية العواصم العربية، فضلا عن تعزيز العلاقات مع قوى إقليمية كتركيا وإيران وروسيا والصين لتوازن القوى في المنطقة، وإيصال رسالة واضحة للولايات المتحدة وإسرائيل.
خطوات قانونية دبلوماسية
من جهته يرى الخبير الإعلامي الأردني هيثم يوسف، رئيس مجلس الوحدة الإعلامية العربية، أن القمة مرشحة لأن تخرج عن النمط التقليدي للبيانات الرمزية، خاصة في ظل تعرض دولة تمارس دور الوسيط لهجوم مباشر.
ويوضح أن الموقف العربي في العادة يبدأ بالإدانة، لكنه قد يتطور هذه المرة باتجاه خطوات قانونية ملموسة، مثل تشكيل فريق عربي مشترك لدعم الموقف القطري أمام المحافل الدولية، أو الدفع بمشروعات قرارات أمام الأمم المتحدة والجامعة العربية.
ويشير يوسف لصحيفة "فلسطين" إلى أن بعض الدول قد تبادر إلى تحركات سياسية على مستوى العلاقات أو التمثيل الدبلوماسي، مؤكدا أن أي رد فعل سيكون مرتبطا بقدرة الدول الكبرى على الضغط، وبالمدى الذي سيبلغه التصعيد في المنطقة.
كما يرى أن القمة تمثل فرصة للدول العربية التي كانت على مسار التطبيع لمراجعة هذا الخيار، خاصة إذا شعرت أن مصلحتها الاستراتيجية مرتبطة بموقف جماعي أكثر توازنا.
من جهته، يعتبر المحلل السياسي نعيم الريان المقيم في الولايات المتحدة، القمة لحظة حاسمة لإعادة ضبط إيقاع الموقف العربي، مشيرا إلى أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يشكل تحديا لكل المسارات السياسية والوساطات القائمة، ويتطلب رد فعل شاملا لا يكتفي بالتنديد، بل يشمل تحركات قانونية ودبلوماسية وإعلامية، مع مراجعة جدية للعلاقات مع الاحتلال، خصوصا إن لم تكن مدعومة بضمانات واضحة.
ويؤكد الريان في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن القمة قد توحد الرؤى حول السيادة والحقوق الفلسطينية، وتدفع الدول التي تعاملت بحذر مع القضية نحو تبني موقف أكثر توازنا ومسؤولية.
على الرغم من التحديات، يتفق المحللون على أن قمة الدوحة تمثل فرصة مهمة لتعزيز العمل الجماعي العربي والإسلامي، وترسيخ موقف موحد قادر على مواجهة التصعيد الإسرائيلي المتواصل على غزة، ويشددون على أن القمة تأتي في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى خطوات عملية وجادة لوقف حرب الابادة بحق الفلسطينيين في غزة.

