في تطور وُصف بالدراماتيكي وغير المسبوق، اهتزّت العاصمة القطرية الدوحة، مساء الثلاثاء، على وقع انفجار استهدف مقرات سكنية لقيادات من حركة حماس، بينهم الوفد المفاوض الذي كان يناقش مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة.
الكاتب والصحفي وسام عفيفة، وفي قراءة أولية للحدث، اعتبر أن ما جرى يمثل نقلة نوعية خطيرة في مسار الحرب المستمرة منذ عامين، إذ انتقلت المواجهة من شوارع غزة المحاصرة إلى قلب العاصمة القطرية، مركز الوساطة الدولية، لتوجّه إسرائيل رسالة واضحة مفادها: لا حصانة حتى لطاولة التفاوض.
بحسب عفيفة، فإن ما يبدو أنه "غرفة عمليات مشتركة" بين واشنطن وتل أبيب، بإشراف رون ديرمر وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، قد اختارت تحويل المسار التفاوضي إلى عملية اغتيال باردة. فالرسالة ليست فقط تعطيل الحوار، بل القضاء على إمكانيته من الأساس، عبر استهداف الوفد المفاوض مباشرة.
سياسيًا، يرى عفيفة أن استهداف وفد حماس خلال مناقشته للمبادرة الأميركية ينسف أي أفق تفاوضي جدي، ويؤكد أن الاحتلال يفضل إدارة الصراع عبر العنف والتصفية الجسدية بدل البحث عن حلول سياسية أو تسويات.
إقليميًا، فإن وقوع الهجوم في الدوحة ـ الدولة الوسيطة المحورية ـ يشكل تحديًا مباشرًا لسيادتها ولدورها الدبلوماسي، ما قد يشعل أزمة سياسية واسعة بين قطر وإسرائيل، وربما يعقّد جهود أي وساطات لاحقة في ملف غزة.
أما على المستوى الاستراتيجي، فإن استهداف قيادات الصف الأول في الخارج يفتح فصلًا جديدًا من المواجهة قد يتجاوز حدود غزة، ويجر المنطقة بأسرها إلى تصعيد مفتوح. فاغتيال قادة في دولة مضيفة وآمنة كان يُفترض أنها محايدة، يعني أن الحرب دخلت طورًا جديدًا بلا خطوط حمراء.
يخلص عفيفة إلى أن ما جرى في الدوحة لا يمثل مجرد حادث أمني، بل حدث قد يسجَّل كنقطة انعطاف كبرى في مسار الحرب على غزة، وربما في أمن المنطقة بأسرها. فالدوحة التي وُصفت بأنها منصة الحوار والوساطة، تحولت فجأة إلى جبهة مفتوحة، ما يضع مستقبل المفاوضات والتسويات في مهب الريح.